{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ }: الدار، { ٱلآخِرَةِ حَبِطَتْ }: بطلت، { أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ } جَزاءَ { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ }: أي: السامري بإعانتهم، { مِن بَعْدِهِ }: بعد ذهابه إلى الجبل { مِنْ حُلِيِّهِمْ }: المستعار من القبط وكان معهم بعد هلاكهم، { عِجْلاً جَسَداً }: بدناً ذا لَحْم ودم، أو من الذهب، { لَّهُ خُوَارٌ }: صوت البقر أو شبيه صوته لدخول الريح في دبره وخروجها من فمه كذا عن ابن عباس، فحيئذ رمى تراب إثر فرس جبريل للحياة، { أَلَمْ يَرَوْاْ }: حين اتخذوه إلهاً { أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ * وَلَمَّا سُقِطَ } أي: وقع المضُّ { فِيۤ أَيْدِيهِمْ }: كناية عن ندامة توجب عضها، أي ندموا، { وَرَأَوْاْ }: عَلموا علم الرأي، { أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا }: بقبول توبتنا، { وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ * وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ }: عليهم { أَسِفاً }: حزيناً لمَّا أعلمه الله تعالى كما في طه، { قَالَ }: لهم، { بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي }: فعلتهم أو أقمتم مقامي من عبادته { مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ }: سبقتم، { أَمْرَ }: وَعْدَ { رَبِّكُمْ }: وهو الأربعين أو وعد بسخطه، اعلم أن العجلة طلب الشَّيْ قبل أوانه، وهي مذمومةٌ، وحيث تحمدُ في الخير، فالمراد بها: السرعة، وهي عمل الشيء في أول أوقاته، { وَأَلْقَى }: طرح، { ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ }: شعر، { أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ }: لظنه تقصيره في نهيهم { قَالَ } هارون استعطافاً: { ٱبْنَ أُمَّ }: كانا شقيقين، وهارون أكبر بثلاث سنين، { إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي }: وجدوني ضعيفاً، { وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي }: حين نهيتهم، { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ }: بأذيتي، { وَلاَ تَجْعَلْنِي }: معدوداً { مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }: في العقوبة، فلمَّا علم براءتهُ، { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي } ما صنَعْتُ بالألواح { وَلأَخِي }: إن قَصَّر { وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }: ثم قال تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ }: إلهاً { سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ }: بأمرهم بقتل أنفسهم { وَذِلَّةٌ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا }: كاستمرار انقطاعهم من ديارهم، وحرمةُ أولادهم { وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُفْتَرِينَ }: أي: فرية فوق قولهم:{ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ } [طه: 88]، { وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ }: بالشرك والمعاصي، { ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ }: أخلصوا إيمانهم { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا }: بعد التوبة والإخلاص، { لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلَمَّا سَكَتَ }: سكن وانقطع { عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا }: منسوخا ومكتوبا، { هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } يخافون { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ }: من قومه، { سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا }: ليعتذروا عن عبادة العجل أو طلب الرؤية، إذ قالوا: خُذْ منَّا من يشهد بأن الله يكلمك، فلما سمعوه يكلمه قالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الصَّاعقةُ { فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ }: الصاعقة فماتوا، { قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ }: ما تصدق، أو قبل أن نرى ما نرى، { وَإِيَّايَ }: فلو للتمني، { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ }: من عبادة العجل، أو طلب الرؤية { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ }: ابتلاؤك حيث خلقت خُوار العجل، وأسمعتهم كلامك فطمعوا في الرؤية { تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي } بها { مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا }: القائم بأمرنا، { فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ }: تبدل السيئة بالحسنة، { وَٱكْتُبْ } أثبت { لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً }: عافية، { وَفِي ٱلآخِرَةِ }: حسنة بقربك، { إِنَّا هُدْنَـآ }: رجعنا { إِلَيْكَ }: رجعنا إليك، { قَالَ }: الله مجيباً لقوله: { إِنْ هِيَ } - إلخ، { عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ }: تعذيبهُ { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }: في الدنيا حتى الجماد { فَسَأَكْتُبُهَا }: أثبت رحمتي في الآخرة، { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ }: المعاصي، { ٱلزَّكَـاةَ }: خصَّها لأنها كانت أشق عليهم، { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا }: كلها، { يُؤْمِنُونَ } هم { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ }: بالإضافة إلى الله، { ٱلنَّبِيَّ }: بالإضافة إلينا، { ٱلأُمِّيَّ }: لا يقرأ ولا يكتب بخلاف كل الرُّسُل، { ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ }: باسمه وصفته، { مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ }: المستلذات المحرمة عليكم، { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ }: ما تستخبثه الطباع السليمة، { وَيَضَعُ }: يخفف، { عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ }: ثقلهم { وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }: التكاليف الشاقة التي كانت كالغل على أعناقهم كتعيين القصاص في العمد والخطأ وقطع الأعضاء الخاطئة، وقرض موضع النجاسة، { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ }: عَظموه، { وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ }: القرآن، { ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ }: مع نبوته، أي: القرآن أو اتباعه عليه الصلاة والسلام، أي: سنته، { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }: الفائزون بالسعادة.