{ الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ } أي: من الشاكين؛ أنهم يعرفون أنك رسول الله ويعرفون الإِسلام. قوله: { وَلِكُلٍّ وَجْهَةٌ } أي ولكل قوم وجهة وشريعة { هُوَ مُوَلِّيهَا } أي: الله موليها، مثل قوله:{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } [المائدة:48] أي سبيلاً وسنة، والدين واحد وإن اختلفت الشرائع والأحكام. وقال مجاهد: ولكل صاحب ملّة وجهة هو مستقبلها. وقال بعضهم: ولكل قبلة هو مستقبلها. قوله: { فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } قال بعض المفسرين: لا تُغْبَنُنَّ عَن قبلتكم { أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }. { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ }. قوله: { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ } كقوله:{ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ } [سورة محمد:13] أي أهلها، يعني أهل مكة { وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } أي تلقاءه { لِئَلاَّ } أي لكيلا { يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ }. قال بعض المفسّرين: إن أهل الكتاب قالوا حين صرف النبي إلى الكعبة: اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه. قال: { إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } يعني مشركي العرب في تفسير الحسن. وقال مجاهد: مشركي قريش. قال الحسن: أخبره أنه لا يحوّله عن الكعبة إلى غيرها أبداً، فيحتج عليك محتجون بالظلم كما احتج عليك مشركو العرب من قولهم لك: رغبت عن قبلة آبائك ثم رجعت إليها، وأيضاً والله لترجعن إلى دينهم؛ فقال الله: { لئلا يكون للناس عليكم حجة }. أي لا يحتج بمثل تلك الحجة إلا الذين ظلموا. وقال بعضهم: هم مشركو قريش يقولون: إنهم سيحتجون عليك بذلك وكانت حجتهم عليهم بانصرافه إلى البيت الحرام أنهم قالوا: سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا؛ فأنزل الله في ذلك هذا كله. قال: { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ } في أمر الله، أي امضوا على ما أمركم به. { وَاخْشَوْنِي } أي في تركه. { وَلأُِتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي: لكي تهتدوا. ويعني بالنعمة الجنة.