{ سَأَصْرِفُ } البتّة على ان يكون السّين للتّأكيد او سأظهر يوم القيامة انّ انصراف المنصرف كان بسبب تكبّره بغير الحقّ، ولمّا كان الاهتمام ببيان سبب الانصراف لا الصّارف لم يقل: انا اصرف بتقديم المسند اليه تقوية للحكم او حصراً { عَنْ آيَاتِي } التّدوينيّة الّتى هى احكام نظام المعاش وحسن المعاد وظهور الآيات التّكوينيّة او عن الآيات التّكوينيّة الآفاقيّة والانفسيّة واعظمها الآيات العظمى او عن الجميع { ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ } يظهرون الكبر او ينتحلون الكبر { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } فانّ التكبّر بأمره مع المتكّبر صدقة، والتكبّر بكبريائه تعالى كبرياء الحقّ وهما لا يمنعان من انقياد الآيات { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } من عطف المسبّب على السّبب لتكّبرهم المانع من الاذعان بآياتى { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } لادبارهم بتكبّرهم عن سبيل الرّشد { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } لاقبالهم على الغىّ، والمراد بسبيل الرّشد والغىّ الاعمال والاخلاق الموصلة اليهما بل نقول: للنّفس طريق الى العقل وهو الرّشد وطرقٌ عديدةٌ الى الجهل وهى الغىّ، والنّفس برزخ واقع بينهما والاعمال والاخلاق الحسنة من لوازم طريقها الى العقل، وضدّها من لوازم طرقها الى الجهل { ذٰلِكَ } التكبّر الّذى هو سبب الكلّ او ذلك المذكور من الصّرف والتّكبّر وعدم الايمان بالآيات وعدم اتّخاذ سبيل الرّشد واتّخاذ سبيل الغىّ { بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } فانّ سبب الكلّ التّكذيب بآياتنا العظمى او مطلق الآيات { وَكَانُواْ عَنْهَا } من حيث انّها آيات { غَافِلِينَ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَلِقَآءِ ٱلآُخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } عطف على مدخول انّ وهو على صورة قياسٍ اقترانىٍّ من الشّكل الاوّل وصورته هكذا: ذلك بانّهم كّذبوا بآياتنا وكلّ من كذّب بآياتنا حبطت اعمالهم فلا ينتفعون بها حتّى يقرّبهم الى سبيل الرّشد والانقياد للآيات { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } كأنّه قيل: حبط الاعمال لا يشبه العدل، فقال: ليس حبط الاعمال الاّ جزاء اعمالهم.