الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }

{ قَدْ نَرَى } تحقق إنا لنعلم، وقال سيبويه، كثر تقلب وجهك { تَقلُّبَ وَجْهِكَ } حال الدعاء { فِي السَّمَآءِ } إلخ، تعليل جملى ثان لقوله تعالىوما جعلنا... } [البقرة: 143] إلخ، والأول لنعلم من يتبع... إلخ.

روى أنه أمره الله بعد الهجرة باستقبال المقدس تأليفاً لليهود فرضى وأحب، وكان بطبعه يحب استقبال الكعبة لأنها أشرف وأقدم للملائكة قبل آدم، ولأنها قبلة آدم إلى إبراهيم وإسماعيل ومن بعدها حتى نزلت التوراة، ولأن الأنبياء تحجه، ولأنه أدعى للعرب إلى الإسلام، وهم أفضل، ولهم قرابة، وأنفع فىالإسلام وأقوى، ولو كان استقبال القدس أدعى لليهود، ولأنه أغيظ لهم، وأشد مغايرة، ولأنه لو لم يتحول لوجدوا مقالا، إذ علموا أنه يؤمر بالتحول، ولأنهم قالوا، يخالفنا ويتبع قبلتنا. وقال لجبريل، وددت لو حولنى الله إلى الكعبة، فقال جبريل: إنما أنا عبد مثلك، ثم عرج جبريل، وجعل النبى صلى الله عليه وسلم يديم النظر فى جهة السماء { فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَٰهَا } فوالله لنصيرنك تاليا قبلة محبوبة لك بالطبع، وما معهه من دواعى الدين كما رأيت، وأما بيت المقدس فهو أيضاً يحب اسقباله، امتثالاً لأمر الله عز وجل، أو لنوجهنك إلى قبلة ترضاها.

قيل: لا تدعو الأنبياء بشىء حتى يأذن الله لهم فيه، خوف أن يكون فتنة لقومهم، وقد روى، أنه صلى الله عليه وسلم، " استأذن جبريل أن يدعو الله فى شأن، فأخبره، أن الله عز وجل قد أذن له أن يدعو فيه " ، والواضح: أنه لا يلزمهم أن يستأذنوا، وقد جاءت أخبار بأنهم دعوا بدون استئذان، وليس ذلك خروجاً عن الأدب، وما ورد فيه معاتبة له صلى الله عليه وسلم فإنما هو لأسرار خفية { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ } جهة { الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } جهته، لا لذاته، بل للكعبة فيه، وهى التى تقصد، ولكن ذكر شطر المسجد، وهو الحرم، لأنه يتعذر الجزم بإصابته عينها مع عدم معاينتها والبعد عنها.

نزلت فى رجب بعد الزوال قبل بدر بشهرين، وقد صلى بأصحابه فى مسجد بنى سلمة، بكسر اللام فى زيارة أم بشر بن البراء بن معرور، وقد صنعت لهم طعاما، ركعتين من الظهر، وقيل كان فى ركوع الركعة الثانية فتحول، واستقبل الميزاب، وتبادل الرجال والنساء صفوفا، وزاد الركعتين الباقيتين، ولا يضر ذلك صلاتهم، ولو كثرت الخطا والأعمال ورفع الأقدام والمقام من الركوع بمشى، لأنهم فى إصلاح الصلاة بذلك وفى امتثال أمر الله.

وقيل: قدم المدينة فى ربيع الأول، وصلى إلى بيت المقدس تمام السنة، وصلى من سنة اثنتين سبعة عشر أو ستة عشر شهراً، ثم حولت الكعبة فى جمادى، وقيل يوم الثلاثاء نصف شعبان، وقيل، نصف رجب يوم الاثنين، وقيل فى صلاة العصر، وذلك قبل بدر بشهرين.

السابقالتالي
2