قوله: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ } أي فلنحولنّك ولنصرفنك { قِبْلَةً تَرْضَاهَا } أي تحبها. ولم يكن قبلة أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة. وتفسير الكلبي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل:وددت أن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها. فقال جبريل: إنما أنا عبد مثلك؛ فادع ربك واسأله. ثم ارتفع جبريل، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل، فأنزل الله: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا }. قال: { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } " أي تلقاءه. وقال بعضهم { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ } أي: قد نرى نظرك إلى السماء. ذكروا عن محمد بن عبد الله بن جحش أنه قال: صلّيت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية ونحن في صلاة الظهر، وقد صلَّينا ركعتين من الظهر فاستدرنا وإنا لفي الصلاة. ذكروا عن مجاهد أنه قال: نزلت هذه الآية وهم في الصلاة، فجاء الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال. قوله: { وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ }. قال الحسن: يعلمون أن القبلة هي الكعبة. وقال الحسن: لم يبعث الله نبياً إلا وهو يصلِّي إلى الكعبة. قوله: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ }. قال: لما صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس قالت اليهود: إنا لنرجو أن يرجع محمد إلى ديننا كما صلّى إلى قبلتنا، فأنزل الله: { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ ءَايَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ }. { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ } [هذا الخطاب للنبي عليه السلام ولسائر أمته].