الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }

{ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ } حال من فاعل (يراؤون) أو منصوب على الذم و (ذلك) إشارة إلى الإيمان والكفر، المدلول عليهما بمعونة المقام، أو إلى (المؤمنين والكافرين)، فيكون ما بعده تفسيراً له، أي: مرددين بينهما متحيرين قد ذبذبهم الشيطان والهوى، وحقيقة المذبذب الذي يُذَبّ عن كلا الجانبين، أي: يذاد ويدفع، فلا يقرّ في جانب واحد، إلا أن الذبذبة فيها تكرير ليس في الذب، كأنّ المعنى كلما مال إلى جانب ذُبّ عنه { لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ } أي: لا منضمين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين، ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين، وقال مجاهد: { لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ } يعني: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: { وَلاَ إِلَى هَـٰؤُلاۤءِ } يعني اليهود. { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } عن دينه وحجته { فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } أي: طريقا إلى الصواب والهدى، روى الشيخان عن ابن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تَعير إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة " (والعائرة: المتحيرة المترددة لا تدري لأي الغنمين تتبع.