{ ثم صدقناهم الوعد } ما وعدناهم من عذاب مَنْ كفر بهم، وإنجائهم مع مَنْ تابعهم، وهو قوله: { فأنجيناهم ومَنْ نشاء وأهلكنا المسرفين } المشركين. { لقد أنزلنا إليكم } يا معشر قريش { كتاباً فيه ذكركم } شرفكم { أفلا تعقلون } ما فضَّلكم به على غيركم؟! { وكم قصمنا } أهلكنا { من قرية كانت ظالمة } يعني: إنَّ أهلها كانوا كفَّاراً { وأنشأنا } أحدثنا { بعدها } بعد إهلاك أهلها { قوماً آخرين } نزلت في أهل قرىً باليمن كذَّبوا نبيَّهم وقتلوه، فسلَّط الله سبحانه عليهم بختنصَّر حتى أهلكهم بالسَّيف، فذلك قوله: { فلما أحسوا بأسنا } رأوا عذابنا { إذا هم منها } من قريتهم { يركضون } يسرعون هاربين. وتقول لهم الملائكة. { لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه } نَعِمْتُم فيه { لعلكم تسألون } من دنياكم شيئاً. قالت الملائكة لهم هذا على سبيل الاستهزاء بهم، كأنَّهم قيل لهم: ارجعوا إلى ما كنتم فيه من المال والنِّعمة لعلكم تُسألون، فإنَّكم أغنياء تملكون المال، فلمَّا رأَوا ذلك أقرُّوا على أنفسهم حيث لم ينفعهم، فقالوا: { يا ويلنا إنا كنا ظالمين } لأنفسنا بتكذيب الرُّسل. { فما زالت } هذه المقالة { دعواهم } يدعون بها، ويقولون: يا ويلنا { حتى جعلناهم حصيداً } بالسُّيوف كما يحصد الزَّرع { خامدين } ميِّتين.