قوله تعالى: { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } إلى آخرها. هذا قسم، يقسم ربنا بما شاء. والتقدير: ورب الشمس. وقوله: { وَضُحَاهَا } يعني: ونهار الشمس. قاله قتادة والفراء. وهو اختيار الطبري. وكذلك قوله:{ وَٱلضُّحَىٰ } [الضحى: 1]، هو عند الفراء: النهار كله. وقال مجاهد: وضحاها: " وضوءها ". والضحى عند العرب إذا طلعت الشمس بعد ذلك. وهي مؤنثة مقصورة، فإذا ارتفع النهار قيل: الضحاء. فتح الضاد والمد مذكراً. ثم قال تعالى: { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا }. أي: إذا اتبع الشمس. وذلك في النصف الأول من الشهر، إذا غربت الشمس تبعها القمر طالعا. هذا قول مجاهد وغيره. وقال قتادة: { إِذَا تَلاَهَا } ، يعني " صبيحة الهلال، فإذا سقطت الشمس رئي الهلال ". وقال ابن زيد: (القمر) يتلو الشمس نصف الشهر الأول، وتتلوه النصف الآخر، فأما النصف (الأول فهو يتلوها وتكون أمامه وهو وراءها، فإذا كان النصف) الآخر كان هو أمامها يقدمها، وتليه الشمس. وقال الفراء: تلاها: أخذ منها. يذهب إلى أن القمر أخذ من ضوء الشمس. ثم قال تعالى: { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا }. أي: جلى الشمس بإضاءته. وقال قتادة: " جلاها ": " إذا غشيها النهار ". وقال الفراء: إذا جلى الظلمة، أي: أذهبها بضوء، فأضمر الظلمة في { جَلاَّهَا } ، ولم يجر لها ذكر، وفيه بعد. وقيل: " جلاها " ، أي: جلى الدنيا. وقيل: جلى الأرض. ثم قال تعالى: { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا }. أي: والليل إذا يغشى الشمس. وذلك حين [تغيب] فتظلم الآفاق. ثم قال: { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا }. قال الطبري: " ما " بمعنى " من " ، كما قال تعالى{ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ } [البلد: 3]، فأتت ( " ما " ) في موضع " من " ، أي: ومن ولد، لأنه أقسم بآدم وولده. وروي عن مجاهد أنه قال: { وَمَا بَنَاهَا }: الله جل وعز [بنى] السماء. وقال المبرد: " [ما] " والفعل: مصدر، أي: والسماء [وبنائها]، ومثله في الاختلاف والتقدير: { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا }. (ومعنى): { وَمَا طَحَاهَا }: بسطها يميناً وشمالاً ومن كل جانب. وقال ابن عباس): " وما خلق فيها " ، " فما " - على هذا - على وجهها، ليست بمعنى " من " ، ولا [هي] - مع الفعل - مصدر، بل بمعنى: " الذي ". وقال مجاهد: { طَحَاهَا } " دحاها ". وقال ابن زيد وأبو صالح: { طَحَاهَا } " بسطها ". وعن ابن عباس أيضا: { طَحَاهَا } " قسمها ". ثم قال تعالى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا }. أي: ومن سواها، يعني نفسه جل ذكره، لأنه سوى النفس فخلقها فعدل خلقها، ويجوز أن تكون [ما] والفعل مصدراً أي: ونفسي وتسويتها.