{ فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ } فيه وجهان: أحدهما: أن المنهمر الكثير، قاله السدي، قال الشاعر:
أعيني جودا بالدموع الهوامر
على خير باد من معد وحاضر
الثاني: أنه المنصب المتدفق، قاله المبرد، ومنه قول امرىء القيس:
راح تمرية الصبا ثم انتحى
فيه شؤبوب جنوب منهمر
وفي فتح أبواب السماء قولان: أحدهما: أنه فتح رتاجها وسعة مسالكها. الثاني: أنها المجرة وهي شرج السماء ومنها فتحت بماء منهمر، قاله علي. { فَالْتَقَى الْمَآءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } فيه وجهان: أحدهما: فالتقى ماء السماء وماء الأرض على مقدار لم يزد أحدهما على الآخر، حكاه، ابن قتيبة. الثاني: قدر بمعنى قضي عليهم، قاله قتادة، وقدر لهم إذا كفروا أن يغرقوا. { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحِ وَدُسُرٍ } أي السفينة، وفي الدسر أربعة أقاويل: أحدها: المعاريض التي يشد بها عرض السفينة، قاله مجاهد. الثاني: أنها المسامير دسرت بها السفينة، أي شدت، قاله ابن جبير وابن زيد. الثالث: صدر السفينة الذي يضرب الموج، قاله عكرمة، لأنها تدسر الماء بصدرها، أي تدفعه. الرابع: أنها طرفاها، وأصلها، قاله الضحاك. { تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا } فيه أربعة أوجه: أحدها: بمرأى منا. الثاني: بأمرنا، قاله الضحاك. الثالث: بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها. الرابع: بأعين الماء التي أتبعناها في قوله: { وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُوناً } ، وقيل: إنها تجري بين ماء الأرض والسماء، وقد كان غطاها عن أمر الله سبحانه. { جَزَآءً لِمَن كَانَ كُفِرَ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لكفرهم بالله، قاله مجاهد، وابن زيد. والثاني: جزاء لتكذيبهم، قاله السدي. الثالث: مكافأة لنوح حين كفره قومه أن حمل ذات ألواح ودسر. { وَلَقَدْ تّرَكْنَاهَآ ءَايَةً } فيها وجهان: أحدها: الغرق. الثاني: السفينة روى سعيد عن قتادة أن الله أبقاها بباقردي من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة. وفي قوله: { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } ثلاثة أقاويل: أحدها: يعني فهل من متذكر، قاله ابن زيد. الثاني: فهل من طالب خير فيعان عليه، قاله قتادة. الثالث: فهل من مزدجر عن معاصي الله، قاله محمد بن كعب. { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: معناه سهلنا تلاوته على إهل كل لسان، وهذا أحد معجزاته، لأن الأعجمي قد يقرأه ويتلوه كالعربي. الثاني: سهلنا علم ما فيه واستنباط معانيه، قاله مقاتل. الثالث: هونا حفظه فأيسر كتاب يحفظ هو كتاب الله، قاله الفراء.