قوله: { وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } الآية. قرأ أبان بن عثمان (حُجُر) بالضم (للحاء والجيم). وقرأ قتادة والحسن (حُجْر) بضم الحاء وإسكان الجيم. وهي لغات في (حِجْر). والحِجْرُ: الحرام، يقال: حُجُرٌ وحُجْرٌ وحِجْرٌ، وفيها لغة أخرى وهي " حِرْجٌ " بتقديم الراء، مثل: " جَبَذَ " و " جذب ". وقيل: معنى " حِرْج ": ضيق، من قولهم: " فلان يتحرَّج " أي: يُضَيِّق على نفسه. وعن ابن عباس: (وحَرْثٌ حِرْجٌ الراء قبل الجيم، وكذا في مصحف أبُيّ، ومعناه ما ذكرنا. ومعنى الآية: أن الله حكى عن المشركين أنهم يحرمون ويحللون من عند أنفسهم تَخرُّقاً منهم وتَقُّولاً بما لم ينزل الله ولا أمر به، و " الحرث " - هنا - (هو) ما ذكر في الآية الأولى من جعلهم لله ثم يردونه إلى آلهتهم، و (الانعام: قيل) إنهم كانوا يجعلون لله أنعاماً، فإذا ولدت الأنثى أكلوه، ويجعلون لآلهتهم أنعاماً، فإذا ولدت الأنثى عظموه، ويأكلون الميتة مما لله. وقيل: الأنعام هنا (هي) البحيرة وما بعدها مما ذكر في " المائدة ". والحجر: الحرام، ومنه:{ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } [الفرقان: 22] أي: حراماً محرماً. { وَأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } هو الحامي: وقيل: هي البحيرة كانوا لا يحجون عليها. والحامي: البعير الذي يحمى ظهره، وهو الذي قد ألقح ولد ولده، فلا يركب ولا يجز (له وبر)، ولا يمنع من مرعى، وأي إبل ضرب فيها لم (يمنع منها). والبحيرة: هي التي يبحر أذنها، أي: يشق، ويحرم لحمها على الرجال والنساء. وقيل: البحيرة: ابنة السائبة. والسائبة: الناقة كانت إذا نتجت سبعة أبطن سيبت فلم تركب ولم يجز لها وَبَرٌ، وبحرت أذن ابنتها وأجريت مجراها. وقد ذكر هذا في " المائدة " بأشبع من هذا. وقوله: { وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا }: هو ما ذبحوه لآلهتهم، لا يذكرون اسم الله [عليه]. وقوله: { إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ } كانوا يذبحون أشياء لا يأكلها إلا خدمة الأصنام. وقيل: كانت البحيرة لا تركب ولا يحمل عليها شيء ذكر عليه اسم الله. { ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ } أي: كذباً على الله، سيجزيهم بكذبهم. وقد روي عن الدوري عن الكسائي (افتراء) بالإمالة، والفتح أشهر، وكذلك ذكر أبو الحارث عن الكسائي، (قال الكسائي) لأنه مصدر لا أميله.