الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ }

يعنـي تعالـى ذكره بـالصبغة: صبغة الإسلام، وذلك أن النصارى إذا أرادت أن تُنَصِّر أطفـالهم جعلتهم فـي ماء لهم تزعم أن ذلك لها تقديس بـمنزلة غسل الـجنابة لأهل الإسلام، وأنه صبغة لهم فـي النصرانـية، فقال الله تعالـى ذكره إذ قالوا لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الـمؤمنـين به:كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ } [البقرة: 135]: قل لهم يا مـحمد: أيها الـيهود والنصارى، بل اتبعوا ملة إبراهيـم صبغة الله التـي هي أحسن الصبغ، فإنها هي الـحنـيفـية الـمسلـمة، ودعوا الشرك بـالله والضلال عن مـحجة هداه. ونصب «الصبغة» من قرأها نصبـاً علـى الردّ علـى «الـملة»، وكذلك رفع «الصبغة» من رفع الـملة علـى ردّها علـيها. وقد يجوز رفعها علـى غير هذا الوجه، وذلك علـى الابتداء، بـمعنى: هي صبغة الله. وقد يجوز نصبها علـى غيرِ وجه الردّ علـى «الـملة»، ولكن علـى قوله:قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ } [البقرة: 136] إلـى قوله:وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [البقرة: 133] صبغةَ الله، بـمعنى: آمنَّا هذا الإيـمان، فـيكون الإيـمان حينئذ هو صبغة الله. وبـمثل الذي قلنا فـي تأويـل الصبغة قال جماعة من أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { صَبْغَةَ الله وَمَنْ أحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً } إن الـيهود تصبغ أبناءها يهود، والنصارى تصبغ أبناءها نصارى، وإن صبغة الله الإسلام، فلا صبغة أحسن من الإسلام ولا أطهر، وهو دين الله بعث به نوحاً والأنبـياء بعده. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال عطاء: { صِبْغَةَ اللَّهِ } صبغت الـيهود أبناءهم خالفوا الفطرة. واختلفوا أهل التأويـل فـي تأويـل قوله { صِبْغَةَ الله } فقال بعضهم: دين الله. ذكر من قال ذلك: حدثنـي الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: { صِبْغَةَ اللَّهِ } قال: دين الله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبـي جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية فـي قوله: { صِبْغَةَ اللَّهِ } قال: دين الله. { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً }: ومن أحسن من الله ديناً. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا أبو أحمد الزبـيري، قال: ثنا سفـيان، عن رجل، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا سفـيان، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا فصيـل بن مرزوق، عن عطية قوله: { صبْغَةَ اللَّهِ } قال: دين الله. حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: { صِبْغَةَ الله وَمَنْ أحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً } يقول: دين الله، ومن أحسن من الله دينا.

السابقالتالي
2