الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }

قوله تعالى: { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَٰمِ نَصِيباً } قال ابن عباس: كان المشركون يجعلون لله من حرثهم وأنعامهم وثمارهم نصيباً، وللأوثان نصيباً، فما كان للأوثان أنفق على السدنة والقائمين بحفظها، وما كان لله أطعم الضيفان والمساكين ولا يأكلون من ذلك شيئاً، فما سقط مما جعلوه لله في نصيب الأوثان تركوه وقالوا: إن الله غني عن هذا، وما سقط مما جعلوه للأوثان في نصيب الله ردوه إلى نصيب الأوثان وقالوا: إنها لفقيرة، فذلك قوله: { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ }. أي: خلق من الزرع والأنعام " نصيباً ".

وفي الآية إضمار.

قال الزجاج: المعنى: وجعلوا لله نصيباً وجعلوا لشركائهم نصيباً، يدل عليه قوله: { فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـٰذَا لِشُرَكَآئِنَا }. فدل بالإشارة إلى النصيبين.

{ فَقَالُواْ هَـٰذَا للَّهِ بِزَعْمِهِمْ } قرأ الكسائي: { بزُعْمِهِمْ } بضم الزاي، وهي لغة بني أسد، وفتحها الباقون، وبعض قيس يكسرون الزاي.

والمعنى: قالوا هذا لله بزعمهم الكاذب واعتقادهم الباطل.

قال شريح القاضي: لكل شيء كنية، وكنية الكذب: زعموا.

{ فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ } قال الحسن: كانوا إذا هلك الذي لأوثانهم أخذوا بدلَهُ مما لله، ولا يفعلون ذلك في ما لله.

وقيل: كانوا إذا حصدوا ما جعلوه لله فوقع منه شيء فيما جعلوه لآلهتهم تركوه، وقالوا: هي إليه محتاجة، فإذا حصدوا ما جعلوه لآلهتهم فوقع منه شيء فيما جعلوه لله أعادوه إلى موضعه. وهكذا كانوا يفعلون في البُدن إذا وقع من أحد النصيبين في الآخر. وفي السقي إذا انفجر ماء أحد النصيبين إلى الآخر.

{ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } أي: قبح الحكم حكمهم؛ حيث آثروا الأصنام على الله تعالى الذي ذرأ الحرث والأنعام.