{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا } يريد بالأكل الأخذ، والربا زيادة القدر مقابلة لزيادة الأجل، وهو ربا الجاهلية المتعارف بينهم بالنساء. { أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً } وهو أن يقول له بعد حلول الأجل: إما أن تَقْضِيَ وإمَّا أَنْ تُرْبِيَ، فإن لم يفعله ضاعف ذلك عليه ثم يفعل كذلك عند حلوله من بعد حتى تصير أضعافاً مضاعفة. { وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرينَ } فدل أن الربا من الكبائر التي يستحق عليها الوعيد بالنار. واختلفوا في نار آكل الربا على قولين: أحدهما: أنها كنار الكافرين من غير فرق تمسكاً بالظاهر. والثاني: أنها ونار الفجار أخف من نار الكفار، لما بينهما من تفاوت المعاصي. { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُم } أما الفاحشة ها هنا ففيها قولان: أحدهما: الكبائر من المعاصي. والثاني: الربا وهو قول جابر والسدي. { أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُم } قيل المراد به الصغائر من المعاصي. { ذَكَرُواْ اللهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِم } فيه قولان: أحدهما: أنهم ذكروه بقلوبهم فلم ينسوه، ليعينهم ذكره على التوبة والاستغفار. والثاني: ذكروا الله قولاً بأن قالوا: اللهم اغفر لنا ذنوبنا، فإن الله قد سهل على هذه الأمة ما شدد على بني إسرائيل، إذ كانوا إذا أذنب الواحد منهم أصبح مكتوباً على بابه من كفارة ذنبه: إجدع أنفك، إجدع أذنك ونحو ذلك، فجعل الاستغفار، وهذا قول ابن مسعود وعطاء بن أبي رباح. { وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُواْ } فيه أربعة تأويلات: أحدها: أنه الإصرار على المعاصي، وهو قول قتادة. والثاني: أنه مواقعة المعصية إذا هم بها، وهو قول الحسن. والثالث: السكوت على المعصية وترك الاستغفار منها، وهو قول السدي. والرابع: أنه الذنب من غير توبة. { وَهُم يَعْلَمُونَ } أنهم قد أتوا معصية ولا ينسونها، وقيل: معناه وهم يعلمون الجهة في أنها معصية.