الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَىۤ أَنْفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }

{ يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط } مبالغين فى العدل واقامة القسط فى جميع الامور مجتهدين فى ذلك حق الاجتهاد { شهداء لله } بالحق تقيمون شهاداتكم بوجه الله تعالى كما امرتم باقامتها وهو خبر ثان { ولو } كانت الشهادة { على انفسكم } بان تقروا عليها لان الشهادة على النفس اقرار على ان الشهادة عبارة عن الاخبار بحق الغير سواء كان ذلك عليه او على ثالث او بان تكون الشهادة مستتبعة لضرر ينالكم من جهة المشهود عليه بان يكون سلطانا ظالما او غيره { او الوالدين والاقربين } اى ولو كانت على والديكم واقاربكم بان تقروا وتقولوا مثلا اشهد ان لفلان على والدى كذا او على اقاربى او بان تكون الشهادة وبالا عليهم على ما مر آنفا وفى هذا بيان ان شهادة الابن على الوالدين لا تكون عقوقا ولا يحل للابن الامتناع عن الشهادة على ابويه لان فى الشهادة عليهما بالحق منعا لهما من الظلم واما شهادته لهما وبالعكس فلا تقبل لان المنافع بين الاولاد والآباء متصلة ولهذا لا يجوز اداء الزكاة اليهم فتكون شهادة احدهما شهادة لنفسه او لتمكن التهمة { ان يكن } اى المشهود عليه { غنيا } يبتغى فى العادة رضاه ويتقى سخطه { او فقيرا } يترحم عليه غالبا وجواب الشرط محذوف لدلالة قوله تعالى { فالله اولى بهما } عليه اى فلا تمتنعوا عن اقامة الشهادة طلبا لرضى الغنى او ترحما على الفقير فان الله تعالى اولى بجنسى الغنى والفقير بالنظر لهما ولولا ان الشهادة عليهما مصلحة لهما لما شرعها وفى الحديث " " انصر اخاك ظالما او مظلوما " قيل يا رسول الله كيف ينصره ظالما قال " ان يرده عن ظلمه " فان ذلك نصره ". معنى ومنع الظالم عن ظلمه عون له على مصلحة دينه ولذا سمى نصرا قال السعدى قدس سره
بكمراه كفتن نكو ميروى كناه بزركست وجور قوى بكوى آنجه دانى سخن سودمند وكرهيج كس رانيايد بسند   
{ فلا تتبعوا الهوى ان تعدلوا } يحتمل العدل والعدول اى فلا تتبعوا الهوى كراهة ان تعدلوا بين الناس او ارادة ان تعدلوا عن الحق { وان تلووا } السنتكم عن شهادة الحق او حكومة العدل بان تأتوا بها لا على وجهها لىّ الشىء فتله وتحريفه ولى الشهادة تبديلها وعدم ادائها على ما شاهده بان يميل فيها الى احد الخصمين { او تعرضوا } اى عن ادائها واقامتها رأسا فالاعراض عنها كتمها { فان الله كان بما تعملون } من لىّ الالسنة والاعراض بالكلية { خبيرا } فيجازيكم لا محالة على ذلك. وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالآية القاضى يتقدم عليه الخصمان فيعرض عن احدهما او يدافع فى امضاء الحق او لا يسوى بينهما فى المجلس والنظر والاشارة ولا يمتنع ان يكون المراد بالآية القاضى والشاهد وعامة الناس فان اللفظ محتمل للجميع.

السابقالتالي
2