{ قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض } يعني أفي توحيده وعدله وصفاته وعبادته، قيل: هم مشركو العرب كانوا يقرون بالله ويعبدون الأصنام فأزال الشك بقوله تعالى: { فاطر السموات والأرض يدعوكم ليغفر لكم } أي يدعوكم إلى الايمان والطاعة واجتناب المعاصي { من ذنوبكم } ، قيل: جميع ذنوبكم فتكون من زائدة ويحتمل أن تكون من للتبعيض أي ما سلف من ذنوبكم، وقيل: يغفر من ذنوبه ما يتذكر ويتوب عنه، وقيل: ما ينسى لأنه إذا لم يخطر بباله يكون مغفوراً { ويؤخركم إلى أجل مسمى } ، قيل: يزيد في أعماركم، وقيل: لا ينقص من عذاب الاستئصال { قالوا ان أنتم إلاَّ بشر مثلنا } في الصورة والهيئة فكيف خصصتم بالنبوءة { تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا } وذلك أنهم سلكوا طريقة التقليد { فأتونا بسلطان مبين } أي بحجة بينة وقد جاءت رسلهم بالبينات وبالحجج وإنما أرادوا بالسلطان المبين أنه قد اقترحوها { قالت لهم رسلهم ان نحن إلاَّ بشر مثلكم } في الصورة والهيئة { ولكن الله يمنّ على من يشاء من عباده } أي ينعم على من يشاء بالنبوة { وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان } بحجة { إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } يعني بالتوكل تفويض الأمر إلى الله تعالى { وما لنا ألاَّ نتوكل على الله } ، قيل: تقديره في أن لا نتوكل على الله فحذف الحال { وقد هدانا سبلنا } يعني: أمور الدين { لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا } أي إما أخرجناكم وإما عدتم إلينا { فأوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض } يعني أرضهم وديارهم من بعد إهلاكهم وهذا غاية الإنعام بأن أهلك الكفرة وأسكن المؤمنين أرضهم وديارهم وأورثهم أموالهم وهكذا من توكل على الله واستعان به { ذلك لمن خاف مقامي } مقام الحساب { وخاف وعيد } أي القرآن { واستفتحوا } واستنصروا الله على أعدائهم، يعني أن الرسل استنصروا بالله سبحانه على أعدائهم من الأمم لما استيأس من إيمانهم دعوا عليهم بالهلاك، وقيل: أراد به الرسل والأمم تحاكموا إلى الله تعالى ودعا الفريقان أن يقضي بينهم { وخاب كل جبار عنيد } ، قيل: هلكوا، وقيل: خابوا من رحمة الله تعالى { من ورائه } قيل: من بين يديه { جهنم } ، وقيل: من بعد العذاب في الدنيا عذاب جهنم، وقيل: من خلفه { ويسقى من ماء صديد } أشد العذاب يعني ما يشبه الصديد في نتنه وكراهته، وقيل: هو القيح وهو ما يسيل من جلود أهل النار { يتجرعه } أي يتكلف دخلوه { ولا يكاد يسيغه } كاد صلة معناه لا يسيغه، وقيل: يسيغه بعد بطاء وغصص { ويأتيه الموت من كل مكان } يعني أسباب الموت أحاطت به من الجهات الست، وقيل: من كل مكان من جسده حتى ابهام رجله، وقيل: في أصل كل شعرة { وما هو بميت } فيستريح { ومن ورائه عذاب غليظ } أي بين يديه.