{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } أي: لخراب العالم. قال أبو السعود: هذا شروع في بيان نفس الحاقة، وكيفية وقوعها، إثر بيان عظم شأنها بإهلاك مكذبيها. { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } أي: رفعتا وضربتا ببعضهما من شدة الزلازل. وفي توصيفها بالوحدة تعظيم لها، وإشعار بأن المؤثر لدك الأرض والجبال وخراب العالم، هي وحدها، غير محتاجة إلى أخرى. { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } أي: نزلت النازلة، وهي القيامة. { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ } أي: انصدعت { فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } متمزقة. { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } أي: جوانبها وأطرافها حين تشقق. { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ } أي: فوق الملائكة الذين هم على أرجائها { يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } أي: من الملائكة أو من صفوفها. قال ابن كثير: يحتمل أن يكون المراد بهذا العرش (العرش العظيم)، أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة، لفصل القضاء - والله أعلم - انتهى. ومثله، من الغيوب التي يؤمن بها، ولا يجب اكتناهها: وتقدم في سورة الأعراف، في تفسير{ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } [الأعراف: 54] كلام لبعض علماء الفلك على هذه الآية، فتذكره. وذهب بعض منهم: إلى أن المراد بالعرش: ملكه تعالى للسماوات والأرض، وبـ(الثمانية) السماوات السبع والأرض. وعبارته: { وَيَحْمِلُ } بالجذب { عَرْشَ رَبِّكَ } أي: ملك ربك للأرض والسماوات { فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ } أي: فوق الملائكة الذين هم على أرجائها يوم القيامة، { ثَمَانِيَةٌ } أي: السماوات السبع والأرض. قال: وهذا يدل على أن (السبع) ليس للكثرة، بل المراد به الحقيقة. فهم ثمانية يحملون العرش، أي: ملك الأرض والسماوات السبع بالجذب، كما هو حاصل اليوم ولكن ذلك يكون بشكل عظيم جداً. ثم قال: ولا وجه لمعترض يقول: إن حملة العرش مسبحة، لقوله تعالى:{ ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } [غافر: 7]، فكيف تسبح السماوات والأرض؟ لأنه يجاب بقوله تعالى:{ تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } [الإسراء: 44].