قَوْلُهُ تَعَالَى: { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا }؛ أي يُدفَعون إلى نار جهنَّم دَفْعاً على وُجوهِهم يَحُفُّونَهُ، قال مقاتلُ: (تُغَلُّ أيْدِيهِمْ إلَى أعْنَاقِهِمْ وَتُجْمَعُ نَوَاصِيهِمْ إلَى أقْدَامِهِمْ، ثُمَّ يُدْفَعُونَ إلَى نَار جَهَنَّمَ دَفْعاً عَلَى وُجُوهِهِمْ، حَتَّى إذا دَنَوا مِنْهَا قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا: ذُوقُوا عَذابَ النَّار الَّتِي كُنْتُمْ بهَا تُكَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا).
وَالدَّعُّ: هو الدفعُ بشِدَّة وعُنفٍ، تدفَعُهم الملائكةُ فيُلقُونَهم في النار على وجه الاستخفافِ، ويقولون لَهم: { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ }. قرأ أبُو رجاء العطاردي: (يَوْمَ يُدْعَوْنَ إلَى نَار جَهَنَّمَ دَعَا) بالتخفيفِ من الدُّعاء.
وتقولُ لهم ملائكةُ العذاب: { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا }؛ كما كُنتم تَزعُمون في الدُّنيا وتَنسُبون الأنبياءَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ إلى ذلك، { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ }؛ أي قد غَطَّى على أبصاركم، وهذا على وجهِ التَّوبيخِ، والمعنى: أتُصَدِّقُونَ الآنَ أنَّ عذابَ الله واقعٌ، ويقالُ لَهم: { ٱصْلَوْهَا }؛ أي اصْلَوا النارَ، الْزَمُوها وقَاسُوا شدَّتَها، { فَٱصْبِرُوۤاْ }؛ على العذاب، { أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ }؛ الصبرُ والجزَعُ، { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }؛ مِن الكفرِ والتكذيب.