{ وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ } ، وهو المطر، { فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } ، يقول: فأحيينا به، يعني بالماء بلدة ميتاً لا نبت فيها، فلما أصابها الماء أنبتت، { كَذَلِكَ } ، يقول: هكذا { تُخْرَجُونَ } [آية: 11] من الأرض بالماء كما يخرج النبت. ثم قال: { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا } ، يعني الأصناف كلها، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ } ، يعني السفن، { وَ } من { وَٱلأَنْعَامِ } يعني الإبل والبقر، { مَا تَرْكَبُونَ } [آية: 12]، يعني الذي تركبون. { لِتَسْتَوُواْ } ، يعني لكي تستووا، { عَلَىٰ ظُهُورِهِ } ، يعني ذكوراً وإناثاً من الإبل، { ثُمَّ } قال: لكي { تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ } ، على ظهورها، يعني يقولون الحمد لله، { وَ } لكي { وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا } ، يعني ذلل لنا هذا المركب، { وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } [آية: 13]، يعني مطيقين. { وَ } لكي تقولوا: { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } [آية: 14]، يعني لراجعون. قوله: { وَجَعَلُواْ لَهُ } ، يقول: وصفوا له { مِنْ عِبَادِهِ } من الملائكة، { جُزْءًا } ، يعني عدلاً، هو الولد، فقالوا: إن الملائكة بنات الله تعالى، يقول الله: { إِنَّ ٱلإنسَانَ } في قوله { لَكَفُورٌ مُّبِينٌ } [آية: 15]، يقول: بين الكفر. يقول الله تعالى رداً عليهم: { أَمِ } يقول: { ٱتَّخَذَ } الرب لنفسه { مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ } ، فيها تقديم واستفهام اتخذ مما يخلق من{ مَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } [الزخرف: 18] بنات؟ { وَأَصْفَاكُم بِٱلْبَنِينَ } [آية: 16]، يقول: واختصكم بالبنين. ثم أخبر عنهم في التقديم، فقال: { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلاً } ، يعني شبهاً، والمثل زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى،{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ } [النحل: 58]، { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } ، يعني متغيراً، { وَهُوَ كَظِيمٌ } [آية: 17]، يعني مكروب. { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ } ، يعني ينبت في الزينة، يعني الحلي مع النساء، يعني البنات، { وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } [آية: 18]، يقول: هذا الولد الأثنى ضعيف قليل الحيلة، وهو عند الخصومة والمحاربة غير بين ضعيف عنها. ثم أخبر عنهم، فقال: { وَجَعَلُواْ } ، يقول: ووصفوا { ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً }؛ لقولهم: إن الملائكة بنات الله، يقول الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ }؟ فسئلوا، فقالوا: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فما يدريكم أنها إناث " ؟، قالوا: سمعنا من آبائنا، وشهدوا أنهم لم يكذبوا، وأنهم إناث، قال الله تعالى: { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ } بأن الملائكة بنات الله في الدنيا، { وَيُسْأَلُونَ } [آية: 19] عنهما في الآخرة حين شهدوا أن الملائكة بنات الله. { وَقَالُواْ لَوْ شَآءَ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ } ، يعني الملائكة، يقول الله تعالى: { مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ } ، يقول: ما يقولون إلا الكذب إن الملائكة إناث، { إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } [آية: 20] يكذبون.