قوله تعالى: { أَفَلَمْ يَهْدِ لهم } أي: أفلم يتبيَّن لكفار مكة إِذا نظروا آثار مَنْ أهلكْنا مِنَ الأمم؛ وكانت قريش تتَّجر وترى مساكن عاد وثمود وفيها علامات الهلاك، فذلك قوله تعالى: { يمشون في مساكنهم }. وروى زيد عن يعقوب: «أفلم نَهْدِ» بالنون. قوله تعالى: { ولولا كلمة سبقتْ من ربِّك } في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إِلى يوم القيامة، وقيل: إِلى يوم بدر، وقيل: إِلى انقضاء آجالهم { لكان لزاماً } أي: لكان العذاب لزاماً، أي: لازماً لهم. واللِّزام: مصدر وُصف به العذاب. قال الفراء وابن قتيبة: في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى: ولولا كلمة وأَجَل مسمّىً لكان لزاماً. قوله تعالى: { فاصبر على ما يقولون } أمر الله تعالى نبيَّه بالصبر على ما يسمع من أذاهم إِلى أن يحكم الله فيهم، ثم حكم فيهم بالقتل، ونسخ بآية السيف إِطلاق الصّبر. قوله تعالى: { وسبِّح بحمد ربِّك } أي: صلِّ له بالحمد له والثناء عليه { قبل طلوع الشمس }: يريد الفجر { وقبل غروبها } يعني: العصر { ومن آناء الليل } الآناء: الساعات، وقد بيَّنَّاها في [آل عمران: 113]، { فسبِّح } أي: فصلِّ. وفي المراد بهذه الصلاة أربعة أقوال. أحدها: المغرب والعشاء، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة. والثاني: جوف الليل، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: العشاء، قاله مجاهد، وابن زيد. والرابع: أول الليل وأوسطه وآخره، قاله الحسن. قوله تعالى: { وأطرافَ النهار } المعنى: وسبِّح أطرافَ النهار. قال الفراء: إِنما هم طَرَفان، فخرجا مخرج الجمع، كقوله تعالى:{ إِن تتوبا إِلى الله فقد صَغَتْ قلوبُكما } [التحريم: 4]. وللمفسرين في المراد بهذه الصلاة ثلاثة أقوال. أحدها: أنها الظُّهر، قاله قتادة؛ فعلى هذا، إِنما قيل لصلاة الظهر: أطراف النهار، لأن وقتها عند الزوال، فهو طَرَف النِّصف الأول وطرف النِّصف الثاني. والثاني: أنها صلاة المغرب وصلاة الصبح، قاله ابن زيد؛ وهذا على أن الفجر في ابتداء الطَّرف الأول، والمغرب في انتهاء الطَّرف الثاني. والثالث: أنها الفجر والظهر والعصر؛ فعلى هذا يكون الفجر من الطرف الأول، والظهر والعصر من الطرف الثاني، حكاه الفراء. قوله تعالى: { لعلَّك ترْضَى } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، وحفص عن عاصم: «ترضى» بفتح التاء. وقرأ الكسائي، وأبو بكر عن عاصم بضمها. فمن فتح، فالمعنى: لعلَّك ترضى ثواب الله الذي يُعطيك. ومَنْ ضمَّها، ففيه وجهان. أحدهما: لعلَّكَ ترضى بما تُعطى. والثاني: لعلَّ الله أن يرضاك.