{ قَالُواْ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ * قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَن مَّعِي مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ ٱلْبَاقِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } { قَالُواْ لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمَرْجُومِينَ } قال الضحاك: من المشتومين. وقال قتادة: المضروبين بالحجارة. وقال مقاتل: المقتولين بالرجم. فشكا إلى ربه حين توعدوه، وسأله الحكم بينه وبينهم فقال: { رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَٱفْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً } أي: اقض بيني وبينهم قضاء يكون سبب هلاكهم، ونجاتي ونجاة المؤمنين. { فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي: المملوء، تقول: شحنتُ الإناء؛ إذا ملأتَه. وكانت سفينة نوح مملوءةً حيواناً. { كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وما بعده إما مُفسر فيما مضى وإما ظاهرٌ إلى قوله تعالى: { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ }. قال ابن عباس وأهل اللغة: الرِّيع: المكان المرتفع، وفيه لغة بفتح الراء، وهي قراءة جماعة، منهم عاصم الجحدري. قال الشاعر:
...................
ريعٌ يلُوحُ كأنه سَجْل
والسجل: الثوب الأبيض. والآية: العلامة. قال سعيد بن جبير: كانوا يبنون بروج الحمام عبثاً. وقال الضحاك: كانوا يبنون في المواضع المرتفعة؛ ليشرفوا على المارّة فيسخروا منهم ويعبثوا بهم. وقال ابن عباس: يريد: يبنون ما لا يسكنون. أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس قال: " مررتُ مع النبي في طريقٍ من طُرُق المدينة فرأى قبّة من لَبن، فقال: لمن هذه؟ فقلت: لفلان، فقال: أما [إنّ] كُلَّ بناء كَلٌّ على صاحبه يوم القيامة إلا ما كان في مسجد، ثم مَرَّ فلم يَرَها فقال: ما فَعَلَتِ القبة؟ قلتُ: بلغ صاحبها ما قلتَ فهدمها، فقال: رحمه الله ". وجاء من طريق آخر عن أنس: " أن النبي أعرض عن صاحب القبة، فشكى ذلك إلى أصحابه فقال: والله إني لأنْكِرُ نظر رسول الله ما أدري ما حَدَثَ فيّ وما صنعت؟ فأخبروه، فرجع إلى قبته فسواها بالأرض، فذكر ذلك للنبي فقال: إن كل بناءٍ يُبنى وَبَالٌ على صاحبه يوم القيامة إلا ما لا بد منه ".