قوله: { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } إلى قوله: { مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } الآيات. قال مجاهد: النجم: الثريا، إذا هوى: إذا سقطت، فالمعنى: ورب الثريا، وعنه أن النجم هنا: القرآن، إذا هوى: إذا نزل، فالمعنى: والقرآن إذا نزل من السماء الدنيا. [قال ابن عباس: والنجم إذا هوى يعني به القرآن إذا نزل من السماء الدنيا]. مثل قوله:{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } [الواقعة: 75] أي: أقسم بنزول القرآن من سماء الدنيا. وروى قتادة أن عتبة بن أبي لهب قال: " كفرت برب النجم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أما تخاف أن يأكلك كلب الله / فخرج في تجارة إلى اليمن فبينما هم قد عَرَّسُوا إذا سمع صوت الأسد، فقال لأصحابه: أنا مأكول فحدّقوا به وضرب على أصمختهم فناموا فجاء الأسد حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته ". وقال الحسن: أقسم الله تعالى بالنجم إذا غاب. وقال الفراء: أقسم بالقرآن لأنه نزل نجوماً. وقيل: يراد به النجم الذي ترمى به الشياطين. وقوله: { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } أي: ما جار محمد عن الحق ولا مال عنه، بل هو على استقامة وسداد. ومعنى { وَمَا غَوَىٰ }: أي: ما خاب فيها طلبه من الرحمة. وقيل: معناه: ما صار غاوياً ولكنه رشيد سديد. يقال: غَوَى يَغْوِي مِنَ الغَيِّ، وغَوَى الفَصِيلُ يَغْوِي إِذَا لم يُرْوَ مِنْ لَبَن أُمِّهِ حَتَّى يَمُوتَ هَزَالاً. ثم قال: { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } أي: ليس ينطق محمد صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن عن هواه، بل هو وحي أوحي إليه. وقيل: هو خبر عن القرآن، أي: ما ينطق القرآن عن الهوى، دليله قوله: { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } فهذا هو القرآن بلا اختلاف، وهو قوله: { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } أي: إن هذا القرآن إلا وحي يوحيه الله عز وجل إلى محمد صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام، وبين ذلك بقوله: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } أي: علَّم محمداً هذا القرآن ملك شديد القوى هو جبريل صلى الله عليه وسلم. قال الفراء وغيره: قالت قريش إنما يقول من تلقائه فنزل تكذيبهم في هذه الآية وعلى هذا التفسير جميع المفسرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في هذه الآية، والقوى جمع قوة، وقيل: شديد الأسباب. ثم قال: { ذُو مِرَّةٍ } قال ابن عباس: ذو منظر حسن. وقال قتادة: ذو خلق طويل حسن. وقال مجاهد: ذو مرة: ذو قوة، وكذلك [قال] سفيان وابن زيد يعني به جبريل صلى الله عليه وسلم. وكان الحسن يقول ذو مرة: هو الله عز وجل. وتم الكلام عند قوله: ذو مرة، ثم ابتداء بالفاء فقال: { فَٱسْتَوَىٰ } (أي: استوى جبريل ومحمد بالأفق الأعلى.