الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }

{ ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الانهار } بيان لحكم ولايته تعالى للمؤمنين وثمرتها الاخروية { والذين كفروا يتمتعون } اى ينتفعون فى الدنيا بمتاعها اياما قلائل ويعيشون { ويأكلون } حريصين غافلين عن عواقبهم { كما تأكل الانعام } فى مسارحها ومعالفها غافلة عما هى بصدده من النحر والذبح والانعام جمع نعم بفتحتين وهى الابل والبقر والضأن والمعز { والنار مثوى لهم } اى منزل ثواء واقامة والجملة اما حال مقدرة من واو يأكلون او استئناف فان قلت كيف التقابل بينه وبين قوله ان الله يدخل الخ قلت الآية والله أعلم من قبيل الاحتباك ذكر الاعمال الصالحة ودخول الجنة اولا دليلا على حذف الفاسدة ودخول النار ثانيا والتمتع والمثوى ثانيا دليلا على حذف التمتع والمأوى اولا قال القشيرى الانعام تأكل بلا تمييز من اى موضع وجد كذلك الكافر لا تمييز له أمن الحلال وجد ام من الحرام وكذلك الانعام ليس لها وقت بل فى كل وقت تقتات وتأكل كذلك الكافر أكول كما قال عليه السلام " الكافر يأكل فى سبعة امعاء والمؤمن يأكل فى معى واحد " والانعام تأكل على الغفلة فمن كان فى حالة اكله ناسيا لربه فأكله كأكل الانعام. قال الحدادى الفرق بين أكل المؤمن والكافر ان المؤمن لا يخلو أكله عن ثلاث الورع عند الطلب واستعمال الادب والاكل للسبب والكافر يطلب للتهمة ويأكل للشهوة وعيشه فى غفلة وقيل المؤمن يتزود والمنافق يتزين ويتريد والكافر يتمتع ويتمنع وقيل من كانت همته ما يأكل فقيمته ما يخرج منه قال الكاشفى فى الآية يعنى همت ايشان مصرو فست بخوردن وعاقل بايدكه خرودن او براى زيستن باشد يعنى بجهت قوام بدن وتقويت قواى نفسانى طعام خورد ونظراوبرانكه بدن تحمل طاعت داشته باشد وقوتهاى نفسانى در استدلال بقدرت ربانى ممد ومعان بودنه آنكه عمر خود طفيل خوردن شناسد ودر مرعاى ذرهم يأكلوا ويتمتعوا مانند جهار بايان جز خوردن وخواب مطمح نظرش نباشد ونعم ما قيل خوردن براى زيستن وذكر دنست تو معتقدكه زيتن از بهر خوردنست. والحاصل ليس للذين كفروا هم الا بطونهم وفروجهم ولا يلتفتون الى جانب الآخرة فهم قد اضاعوا ايامهم بالكفر والآثام وأكلوا وشربوا فى الدنيا كالانعام واما المؤمنون فقد جاهدوا فى الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات فلا جرم احسن الله اليهم بالجنات العاليات ومن هنا يظهر سر قوله عليه السلام " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " فلما عرف المؤمن ان الدنيا سجن ونعيمها زآئل حبس نفسه على طاعة الله فكان عاقبته الجنات والنعيم الباقى ولما كان الكافر منكر الآخرة اشتغل فى الدنيا باللذات فلم يبق له فى الآخرة الا الحبس فى الجحيم واكل الزقوم وكان الكبار يقنعون بيسير من الغذآء كما حكى ان اويسا القرنى رضى الله عنه كان يقتات ويكتسى مما وجد فى المزابل فرأى يوما كلبا يهتر فقال كل ما يليك وانا اكل ما يلينى فان دخلت الجنة فانا خير منك وان دخلت النار فأنت خير منى قال عليه السلام

السابقالتالي
2