الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

{ فقضاهن سبع سموات } تفسير وتفصيل لتكوين السماء المجمل المعبر عنه بالامر وجوابه لا انه فعل مرتب على تكوينها والضمير للسماء على المعنى فانه فى معنى الجمع لتعدد مدلوله فسبع سموات حال او هو اى الضمير مبهم يفسره سبع سموات كضمير ربه رجلا فسبع سموات تمييز. والمعنى خلقهن حال كونهن سبع سموات او من جهة سبع سموات خلقا ابداعيا اى على طريق الاختراع لا على مثال واتقن امرهن بان لا يكون فيهن خلل ونقصان حسبما تقتضيه الحكمة. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان سماء القلب سبعة اطوار كما قال تعالىوقد خلقكم اطوارا } فالطور الاول من القلب يسمى الكركر وهو محل الوسوسة والثانى الشغاف وهو مثوى المحبة كما قال تعالى { قد شغفها حباً } والسابع حب القلب وهو مورد التجلى وموضع الكشوف ومركز الاسرار ومهبط الانوار { فى يومين } فى وقت مقدر بيومين وهما يوم الخميس ويوم الجمعة خلق السماوات يوم الخميس وما فيها من الشمس والقمر والنجوم فى يوم الجمعة وقد بين مقدار زمان خلق الارض وخلق ما فيها عند بيان تقديرهما فكان خلق الكل فى ستة ايام حسبما نص عليه فى مواضع من التنزيل { واوحى فى كل سماء امرها } عطف على فقضاهن. والايحاء عبارة عن التكوين كالامر مقيد بما قيد به المعطوف عليه من الوقت. قال راغب يقال للابداع امر وقد حمل على ذلك فى هذه الآية والمعنى خلق فى كل منها ما فيها من الملائكة والنيرات وغير ذلك مما لا يعلمه الا الله واظهر ما اراده كما قال قتادة والسدىّ. او اوحى اى القى الى اهل كل منها اوامره وكلفهم ما يليق بهم من التكاليف فمنهم قيام لا يقعدون الى قيام الساعة ومنهم سجود لا يرفعون رؤسهم ابدا الى غير ذلك فهو بمعناه ومطلق عن القيد المذكور والآمر هو الله والمأمور اهل كل سماء واضيف الامر الى نفس السماء للملابسة لانه اذا كان مختصا بالسماء فهو ايضا بواسطة اهلها { وزينا السماء الدنيا بمصابيح } التفات الى نون العظمة لابراز مزيد العناية بالامر اى بكواكب تضيىء فى الليل كالمصابيح فانها ترى كلها متلألئة على السماء الدنيا كأنها فيها وبالفارسية وبياراستيم آسمان نزديكتر بجراغها يعنى ستاركان كه جوجراغ درخشان باشند فالمراد بالمصابيح جميع الكواكب النيرة التى خلق الله فى السماوات من الثوابت والسيارات وليس كلها فى السماء الدنيا وهى التى تدنو وتقرب من اهل الارض فان كل واحد من السيارات السبع فى فلك والثوابت مركوزة فى الفلك الثامن الا ان كونها مركوزة فيما فوق السماء الدنيا لا ينافى كونها زينة لها لانا نرى جميع الكواكب كالسرج الموقدة فيها وقيل ان فى كل سماء كواكب تضيىء وقيل بل الكواكب مختصة بالسماء الدنيا.

السابقالتالي
2 3 4 5