قوله: { وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ }. أي: كذلك يحيي الموتى، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم. وقوله: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً }. قال بعضهم: من كان يريد القوة والمنعة بعبادة الأصنام ومن عبدوا دونه، فلله العزة جميعاً، أي: فبعبادة الله وطاعته ذلك في الدنيا والآخرة، أي: فمن عنده اطلبوا ذلك عند الله من كان يريد ثواب الدنيا والآخرة، أي: من عنده اطلبوا ذلك في الدنيا والآخرة. وقال بعضهم: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ } أي: العزة والتعزيز { فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } ، أي: فبالله يكون عز الدنيا والآخرة [لا] بالأصنام التي عبدتموها، وقد كان بعبادتهم الأصنام طلب الأمرين: طلب العز؛ كقوله:{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } [مريم: 81]، وطلب القوة والمنعة؛ كقوله:{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ } [يس: 74]، فأخبر أن ذلك إنما يكون بالله وبطاعته، فمن عنده اطلبوا لا من عند من تعبدون دونه، والله أعلم. وقوله: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }. اختلف فيه: قال قائلون: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } هو الوعد الحسن، { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } هو إنجاز ما وعد، أي: إذا أنجز ما وعد من الوعد الحسن، ووفى ذلك الإنجاز الوعدَ الحسنَ وعدٌ. قال بعضهم: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } هو كلمة التوحيد وشهادة الإخلاص، { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } أي: إخلاص التوحيد لله يرفع الكلم الطيب الذي تكلم به؛ فعلى هذا التأويل أي: يصعد الكلم الطيب إليه ما لم يخلص ذلك [إلا] لله. وقال قائلون: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } هي كلمة التوحيد على ما ذكرنا، { وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } أي: يرفع الله العمل الصالح لصاحبه - يعني: لصاحب الكلام الطيب - فعلى هذا التأويل: يصعد الكلم الطيب إليه دون العمل الصالح. وبعض أهل التأويل: [قال:] يرفع الكلام: التوحيد، الطيب: العمل الصالح - إلى الله، وبه يتقبل الأعمال الصالحة. وظاهر الآية أن يكون العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب، لكن الوجه فيه - والله أعلم - ما ذكرنا من الوجوه. وبعضهم يقول: إن العمل الصالح يرفع الكلام الطيب، والوجه فيه ما ذكرنا. وقوله: { وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ }. قال عامة أهل التأويل: والذين يعملون السيئات. وجائز أن يكون ما ذكر من مكرهم السيئات هو مكرهم برسول الله وأذاهم إياه؛ كقوله:{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ... } الآية [الأنفال: 30]، ويمكر الله بهم في الدنيا بالهلاك والقتل وفي الآخرة بالعذاب الشديد الذي حيث قال: { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } ، أي: هو يهلك؛ من البوار، وهو الهلاك، وهو قتلهم ببدر، والله أعلم.