الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

{ وعلى الثلاثة الذين خُلفِّوا } اى وتاب الله على الثلاثة الذين اخر امرهم ولم يقطع فى شأنهم بشيء الى ان نزل فيهم الوحى وهم كعب بن مالك والشاعر ومرادة بن الربيع العنبرى وهلال بنى امية الانصارى يجمعهم حروف كلمة " مكه " وآخر اسماء آبائهم " عكه " { حتى اذا ضاقت عليهم الارض } غاية للتخفيف اى اخر امرهم الى ان ضاقت عليهم الارض { بما رحبت } اى برحبها وسعتها لاعراض الناس حتى عن المكالمة معهم ولو بالسلام ورده وكانوا يخافون ان يموتوا فلا يصلى النبى عليه السلام ولا لمؤمنون على جنازتهم وهو مثل لشدة الحيرة كأنه لا يستقر به قرار ولا تطمئن له دار { وضاقت عليهم أنفسهم } اى امتلأت قلوبهم بفرط الوحشة والغم بحيث لم يبق فيها ما يسع شيئاً من الراحة والانس والسرور عبر عن الراحة والسرور بضمير عليهم حيث قيل ضاقت عليهم تنبيها على ان انتفاء الراحة والسرور بمنزلة انتفاء ذواتهم { وظنوا ان لا ملجأ من الله إلا إليه } اى علموا وايقنوا ان لا ملاذ ولا خلاص من سخطه تعالى الا الى استغفاره فظنوا بمعنى علموا لانه تعالى ذكر هذا الوصف فى معرض المدح والثناء وذا لا يكون الا مع علمهم بذلك. وقوله ان مخففة من الثقيلة واسمها ضمير شأن مقدر ولا مع ما فى حيزها خبر ان ومن الله خبر لا وان ما فى حيزها ساد مسد مفعولى ظنوا ولا استثناء من العام المحذوف اى وعلموا ان الشان لا التجاء من سخط الله الى احد الا اليه. قال بعض المتقدمين من تظاهرت عليه النعم فليكثر الحمد لله ومن كثرت همومه فليكثر الاستغفار. واعلم ان من توغل فى بحر التوحيد بحيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يلتجئ الا الى الله فالفرار ليس الا اليه على كل حال واما المظاهر او المحال فليست الا اسبابا وفى المثنوى
كرجه سايه عكس شخص است اى بسر هيج ازسايه نتانى خوردبر هين زسايه شخص را مى كن طلب درمسبب روكذر كن از سبب   
{ ثم تاب عليهم } اى وفقهم للتوبة { ليتوبوا } ليرجعوا عن المعصية واعلم ان ههنا امورا ثلاثة. التوفيق للتوبة وهو ما دل عليه قوله ثم { تاب }. ونفس التوبة وهو ما دل عليه قوله { ليتوبوا }. وقبول الله تعالى اياها وهو ما دل عليه قوله { وعلى الثلثة } وانما عطف الامر الاول على الثالث بكلمة ثم لكونه اصل الجميع مقدما على الامر الثالث بمرتبتين فتكون كلمة ثم للتراخى الرتبى ويجوز ان يكون المعنى ثم تاب عليهم اى انزل قبول توبتهم ليتوبوا اى ليصيروا من جملة التوابين ويعدوا منهم فتكون كلمة ثم على اصل معناها لان انزال القبول متفرع على نفس القبول المذكور بقوله وعلى الثلاثة { ان الله هو التواب الرحيم } اى المبالغ فى قبول التوبة لمن تاب وان عاد فى اليوم مائة مرة المتفضل عليهم بفنون الآلآء مع استحقاقهم لا فانين العقاب

السابقالتالي
2 3 4