{ لا جرم } أَيْ: حقَّاً { أنهم في الآخرة هم الخاسرون } المغبونون. { ثمَّ إنَّ ربك للذين هاجروا } يعني: المُستضعفين الذين كانوا بمكَّة { من بعد ما فتنوا } أَيْ: عُذِّبوا وأُوذوا حتى يلفظوا بما يرضيهم { ثمَّ جاهدوا } مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم { وصبروا } على الدِّين والجهاد { إنَّ ربك من بعدها } أَيْ: من بعد تلك الفتنة التي أصابتهم { لغفور رحيم } يغفر لهم ما تلفَّظوا به من الكفر تقيَّة. { يوم تأتي } أَيْ: اذكر لهم ذلك اليوم وذكِّرهم، وهو يوم القيامة { كلُّ نفس } كلُّ أحدٍ لا تهمُّه إلاَّ نفسه، فهو مخاصمٌ ومحتجٌ عن نفسه، حتى إنَّ إبراهيم عليه السَّلام ليدلي بالخلَّة { وتوفى كلُّ نفس ما عملت } أَيْ: جزاء ما عملت { وهم لا يظلمون } لا ينقصون، ثمَّ أنزل الله تعالى في أهل مكَّة وما امتُحنوا به من القحط والجوع قوله تعالى: { وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة } ذات أمنٍ لا يُغار على أهلها { مطمئنة } قارَّةً بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها لخوفٍ أو ضيقٍ { يأتيها رزقها رغداً من كلِّ مكان } يُجلب إليها من كلِّ بلدٍ، كما قال:{ يُجبى إليه ثمراتُ كلِّ شيء } { فكفرت بأنعم الله } حين كذَّبوا رسوله { فأذاقها الله لباس الجوع } عذَّبهم الله بالجوع سبع سنين { والخوف } من سرايا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم التي كان يبعثهم إليهم فيطوفون بهم { بما كانوا يصنعون } من تكذيب النبيِّ صلى الله عليه وسلم وإخراجه من مكَّة. { ولقد جاءهم } يعني: أهل مكَّة { رسول منهم } من نسبهم، يعرفونه بأصله ونسبه { فكذبوه فأخذهم العذاب } يعني: الجوع. { فكلوا } يا معشر المؤمنين { مما رزقكم الله } من الغنائم، وهذه الآية والتي بعدها سبق تفسيرهما في سورة البقرة.