الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

كأنه قيل: من هم المؤمنون الذين لهم البشارة من اللّه بدخول الجنات ونيل الكرامات؟ فقال: هم { ٱلتَّائِبُونَ } أي: الملازمون للتوبة في جميع الأوقات عن جميع السيئات. { ٱلْعَابِدُونَ } أي: المتصفون بالعبودية للّه، والاستمرار على طاعته من أداء الواجبات والمستحبات في كل وقت، فبذلك يكون العبد من العابدين. { ٱلْحَامِدُونَ } للّه في السراء والضراء، واليسر والعسر، المعترفون بما للّه عليهم من النعم الظاهرة والباطنة، المثنون على اللّه بذكرها وبذكره في آناء الليل وآناء النهار. { ٱلسَّائِحُونَ } فسرت السياحة بالصيام، أو السياحة في طلب العلم، وفسرت بسياحة القلب في معرفة اللّه ومحبته، والإنابة إليه على الدوام، والصحيح أن المراد بالسياحة: السفر في القربات، كالحج، والعمرة، والجهاد، وطلب العلم، وصلة الأقارب، ونحو ذلك. { ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ } أي: المكثرون من الصلاة المشتملة على الركوع والسجود. { ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ } ويدخل فيه جميع الواجبات والمستحبات. { وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ } وهي جميع ما نهى اللّه ورسوله عنه. { وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ } بتعلمهم حدود ما أنزل اللّه على رسوله، وما يدخل في الأوامر والنواهي والأحكام، وما لا يدخل، الملازمون لها فعلاً وتركاً. { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } لم يذكر ما يبشرهم به، ليعم جميع ما رتب على الإيمان من ثواب الدنيا والدين والآخرة، فالبشارة متناولة لكل مؤمن. وأما مقدارها وصفتها فإنها بحسب حال المؤمنين، وإيمانهم، قوة، وضعفاً، وعملاً بمقتضاه.