الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوۤاْ آمَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ }

{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّينَ } أي: بطريق الإلهام والإلفاء في القلب { أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي } أي: عن دعوته { قَالُوۤاْ آمَنَّا } وأكدوا إيمانهم بقولهم: { وَٱشْهَدْ } أي: لتؤديها عند ربك { بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } أي: منقادون لكل ما تدعونا إليه.

وههنا لطائف

الأولى: إنما قدموا ذكر الإيمان لأنه صفة القلب. والإسلام عبارة عن الانقياد والخضوع في الظاهر. يعني آمنا بقلوبنا وانقدنا بظواهرنا.

الثانية: إنما ذكر تعالى هذا في معرض تعديد النعم؛ لأن صيرورة الإنسان مقبول القول عند الناس، محبوبا في قلوبهم، من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان. كذا قال الرازيّ.

قال المهايميّ: ليحصل له رتبة التكميل وثواب رشدهم.

الثالثة: قال الرازيّ: إن قيل: إنه تعالى قال في أول الآية:ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ } [المائدة: 110] ثم إن جميع ما ذكره تعالى من النعم مختص بعيسى عليه السلام، وليس لأمه تعلق بشيء منها. قلنا: كل ما حصل للولد من النعم الجليلة والدرجات العالية، فهو حاصل، على سبيل التضمن والتبع للأم. ولذلك قال تعالى:وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } [المؤمنون: 50] فجعلهما معاً آية واحدة لشدة اتصال كل واحد منهما بالآخر. انتهى.

وقال بعضهم: قيل: أريد بالذكر في قوله تعالى:ٱذْكُرْ نِعْمَتِي } [المائدة: 110] الشكر. ففي ذلك دلالة على وجوب شكر النعمة. وإن النعمة على الأم نعمة على الولد. والشكر يكون بالقول والفعل والاعتقاد.