{ فاتخذتموهم سخرياً } أَيْ: سخرتم منهم، واستهزأتم { حتى أنسوكم ذكري } لاشتغالكم بالاستهزاء منهم. { إني جزيتهم اليوم } قابلتُ عملهم بما يستحقُّون من الثَّواب { بما صبروا } على أذاكم { أنهم هم الفائزون } النَّاجون من العذاب والنَّار. { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين } قال الله تعالى لمنكري البعث إذا بعثهم من قبورهم: كم لبثتم في قبوركم؟ وهذا سؤال توبيخٍ لهم؛ لأنَّهم كانوا يُنكرون أن يُبعثوا من قبورهم. { قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } وذلك أنَّ العذاب رُفع عنهم فيما بين النَّفختين، ونسوا ما كانوا من العذاب، فاستقصروا مدَّة لبثهم، فلذلك قالوا: { لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين } أي: فاسأل الملائكة الذين يحفظون عدد ما لبثنا. { قال إن لبثتم } ما لبثتم { إلاَّ قليلاً } وإن طال لبثكم؛ في طول لبثكم في النَّار { لو أنكم كنتم تعلمون } مقدار لبثكم في القبر، وذلك أنَّهم لم يعلموا ذلك حيث قالوا: { لبثنا يوماً أو بعض يوم } فقيل لهم: لو كنتم تعلمون ذلك كان قليلاً عند طول لبثكم في النَّار. { أفحسبتم أنَّما خلقناكم عبثاً } أَيْ: للعبث لا لحكمة من ثوابٍ للمطيع، وعقابٍ للعاصي. وقيل: عبثاً للعبث، حتى تعبثوا وتغفلوا وتلهوا. { رب العرش الكريم } أي: السَّرير الحسن. { ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به } لا حجَّة له بما يفعل من عبادته غير الله { فإنما حسابه عند ربه } جزاؤه عند الله تعالى، فهو يجازيه بما يستحقُّه { إنه لا يفلح الكافرون } لا يسعد المُكذِّبون، ثمَّ أمره رسوله أن يستغفر للمؤمنين، ويسأل لهم الرَّحمة فقال: { وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين }.