{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } ادبٌ آخر ولمّا كانت السّخريّة من الخلق سجّيّةً لاكثر النّاس وتركها كان صعباً صدّره بالنّداء جبراناً لكلفته { لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ } اى القوم المسخور منهم { خَيْراً مِّنْهُمْ } اى من السّاخرين { وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ } قال القمّىّ: نزلت فى صفيّة بنت حىّ بن اخطب وكانت زوجة رسول الله (ص) وكانت عائشة وحفصة توذيانها وتشتمانها وتقولان لها: يا بنت اليهوديّة، " فشكت الى رسول الله (ص) فقال لها: " الا تجيبينهما؟ " - فقالت: بماذا يا رسول الله (ص)؟ - قال: قولى لهما: انّ ابى هارون (ص) نبىّ الله، وعمّى موسى كليم الله، وزوجى محمّد (ص) رسول الله (ص) فما تنكران منّى؟ فقالت لهما: فقالتا هذا علّمك رسول الله (ص) " { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } أتى بهذه الكلمة اشعاراً بعلّة الحكم حيث انّ المؤمنين كلّ منهم بمنزلة نفس الآخر { وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ } السّيّئة بان يلقّب بعضكم بعضاً بلقب سوءٍ { بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ } الخروج عن عهد محمّدٍ (ص) وعقده وشروط عقده بذلك وانّما أتى بالفسوق مقام الضّمير او اسم الاشارة للاشعار بانّ ذلك فسوق وخروج عن عهدة عهد الله { بَعْدَ ٱلإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ } عن السّخريّة واللّمز والنّبذ بالالقاب، وأتى بذكر التّوبة اشعاراً بانّه معصية { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } لا ظالم اظلم منهم.