ثمَّ قال سبحانه: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ } المذعنات للإيمان حال كونهن { مُهَاجِرَاتٍ } من قِبَل الكفار { فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } واختبروهن، وانظروا إليهن بنور الله المقتبس من مشكاة الإيمان متفرسين هل تجدوهن مواطئة قلوبهم بألسنتهن، مع أنه { ٱللَّهُ } المطلع على ما في قلوبهن { أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } وبعدما تفرستم في شأنهن { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ } وظننتموهن { مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ } ولا تردوهن { إِلَى ٱلْكُفَّارِ } حتى لا يصرن مرتدات، وبالجملة: بعد ظهور الإيمان منهن { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ } أي: للأزواج الكفار { وَلاَ هُمْ } اي: الأزواج { يَحِلُّونَ لَهُنَّ } لاختلافهما في الدين.
{ وَ } بعدما حفظتموهن وحكمتموهن بالإيمان، إن جاء أزواجهن في طلبهن { آتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ } أي: مهورهن { وَ } بعدمى أتيتم وأعطيتم مهورهن لأزواجهن { لاَ جُنَاحَ } أي: لا ضيق ولا حرج { عَلَيْكُمْ } أيها المؤمنون { أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } مهورهن مرة أخرى مثل مهور سائر المؤمنات، ولا تحسبوا عليهن ما أعطيتم لأزواجهن من المهور.
{ وَ } بعدما ثبت أنه لا رخصة لكم في دينكم أن تردوا المؤمنات المهاجرات إلى الكفار { لاَ تُمْسِكُواْ } أي: لا تبقوا أيضاً أزواجكم أيها المؤمنون { بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ } أي: لا تقيموا بعقود أزواجكم الكافرات الملحقات إلى الكفار، بل خلوا سبيلهن { وَاسْأَلُواْ } منهن { مَآ أَنفَقْتُمْ } لهن من المهور بعدما لحن بالكفار { وَلْيَسْأَلُواْ } أي: الكفار أيضاً منكم { مَآ أَنفَقُواْ } من المهور لأزواجهم المؤمنات المهاجرات، الملحقات بكم { ذَلِكُمْ } أي: جميع ما ذكر في الآية { حُكْمُ ٱللَّهِ } المدبر لمصالحكم { يَحْكُمُ } به { بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [الممتحنة: 10] يحكم بما يقتضيه علمه وحكمته.
{ وَإِن فَاتَكُمْ } أيها المؤمنون { شَيْءٌ مِّنْ } مهور { أَزْوَاجِكُمْ } بعدما لحقن { إِلَى ٱلْكُفَّارِ } ولم يؤدوا جميع مهورهن إليكم { فَعَاقَبْتُمْ } بعد ذلك، وغلبتم على الكفار المتمردين على أداء مهوركم، وأخذتم الغنائم منهم { فَآتُواْ } وأعطوا أيها المؤمنون قبل القسمة { ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ } إلى الكفار { مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } في مهور أزواجهم الكفارات الملحقات { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } [الممتحنة: 11] ولا تضيعوا حق أخيكم المؤمن.