قوله تعالى: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } الباء هاهنا مثلها في قولك: كتبت بالقلم، وضربت بالسيف. والطَّغْوى: اسم من الطغيان، كالدعوى من الدعاء. [قال] الزجاج: أصل طغواها: طغياها. وفَعْلَى إذا كانت من ذوات الياء، أُبدلت في الاسم واواً؛ لتفصل بين الاسم والصفة، تقول: هي التقوى، وإنما هي: من تقيت، وقالوا: امرأة خزياً؛ لأنه صفة. وقال الفراء: أراد بطغواها: طغيانها، وهما مصدران، إلا أن الطغوى أشكلُ برؤوس الآيات، فاختير لذلك. وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس قال: اسمُ العذاب الذي جاءها: الطغوى، فقال: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ } أي: بعذابها. وقرأ الحسن: " بطُغواها " بضم الطاء، كالحُسنى والرُّجعى في المصادر. قوله تعالى: { إِذِ ٱنبَعَثَ } أي: انتدب، وهو منصوب بـ " كذبت " أو " بطغواها " ، { أَشْقَاهَا } قدار بن سالف عاقر الناقة، أشقى الأولين، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي عليه السلام: " من أشقى الأولين؟ قال: عاقر الناقة، قال: صدقت. قال: من أشقى الآخرين؟ قال: قلت: لا أعلم يا رسول الله، قال: الذي ضربك على هذه، وأشار بيده إلى يافوخه ". وفي لفظ آخر: " الذي يخضب منك هذه من هذه، ووضع يده على قرنه ولحيته ". قوله تعالى: { نَاقَةَ ٱللَّهِ } نصب على التحذير، كقولك: الأسدَ الأسدَ. وقال الزجاج: هو منصوب، على معنى: ذروا ناقة الله، كما قال:{ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ } [الأعراف: 73]. قال الفراء: { وَسُقْيَاهَا } عطف على: " ناقة الله " ، وهي شربها من الماء. على معنى: لا تتعرّضوا للماء يوم شربها. { فَكَذَّبُوهُ } فيما حذرهم منه من نزول العذاب إن فعلوا { فَعَقَرُوهَا } مذكور في الأعراف. { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا } قال عطاء ومقاتل: فدمّر عليهم ربهم. قال [المؤرج]: الدَّمْدَمَة: إهلاك باستئصال. وقال الزجاج: معنى: دَمْدَمَ عليهم: أطبق عليهم العذاب، يقال: [دَمَّمْتُ] على الشيء؛ إذا أطبقتُ عليه، فإذا كررت الإطباق قلت: دَمْدَمْتُ عليه. والمعنى: فسوّى الدمدمة عليهم وعمّهم، فاستوت على صغيرهم وكبيرهم. وقال مقاتل: سوى بيوتهم على قبورهم، وكانوا قد حفروا قبوراً فاضطجعوا فيها، فلما صِيح بهم فهلكوا زُلزلت بيوتهم، فوقعت على قبورهم. قوله تعالى: { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا } أي: عاقبتَها وتبعتَها. قرأ نافع وابن عامر: " فلا يخاف " وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام. وقرأ الباقون: بالواو، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة والكوفة والبصرة. والمعنى: لا يخاف الله عقبى الدمدمة أو التسوية أو الفعلة. قال ابن عباس والحسن: لا يخاف الله من أحد تَبعَةً في إهلاكهم. فعلى هذا القول: الواو في " ولا يخاف " حالية، والحال من الضمير المرفوع في [ " فسواها " أو من " فدمدم ".