قوله تعالى: { خَلَق الأرضَ في يومين } قال ابن عباس: في يوم الأحد والاثنين، وبه قال عبد الله بن سلام، والسدي، والأكثرون. وقال مقاتل: في يوم الثلاثاء والأربعاء. وقد أخرج مسلم في أفراده من حديث أبي هريرة قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فقال: " خَلَقَ اللهُ عز وجل التربة يومَ السبت، وخلق الجبال فيها يومَ الأحد، وخلق الشجر فيها يومَ الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النُّور يوم الأربعاء، وبثَّ فيها الدواب يومَ الخميس " ، وهذا الحديث يخالِف ما تقدَّم، وهو أصح. قوله تعالى: { وتَجعلونَ له أنداداً } قد شرحناه في [البقرة:22] و(ذلك) الذي فعل ما ذُكر (ربُّ العالَمَين). { وجعل فيها رواسيَ } أي: جبالاً ثوابت من فوق الأرض، { وبارك فيها } بالأشجار والثمار والحبوب والأنهار، وقيل: البَرَكة فيها: أن ينميَ فيها الزرع، فتخرج الحبّة حبّات، والنواة نخلةً { وقدَّر فيها أقواتَها } قال أبو عبيدة: هي جمعُ قوت، وهي الأرزاق وما يُحتاج إليه. وللمفسرين في هذا التقدير خمسة أقوال: أحدها: أنه شقَّق الأنهار وغرس الأشجار، قاله ابن عباس. والثاني: أنه قسم أرزاق العباد والبهائم، قاله الحسن. والثالث: أقواتها من المطر، قاله مجاهد. والرابع: قدَّر لكل بلدة ما لم يجعله في الأخرى كما أنَّ ثياب اليمن لا تصلح إلا بـ " اليمن " والهرويَّة بـ " هراة " ، ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة، قاله عكرمة، والضحاك. والخامس: قدَّر البُرَّ لأهل قُطْرٍ، والتَّمْر لأهل قُطْرٍ، والذُّرَة لأهل قُطْرٍ، قاله ابن السائب. قوله تعالى: { في أربعة أيّام } أي: في تتمة أربعة أيّام. قال الأخفش: ومثله [أن] تقول: تزوجت أمس امرأة، واليومَ ثنتين، وإحداهما التي تزوجتها أمس. قال المفسرون: يعني: الثلاثاء والأربعاء، وهما مع الأحد والإثنين أربعة أيام. قوله تعالى: { سواءً } قرأ أبو جعفر: { سواءٌ } بالرفع. وقرأ يعقوب، وعبد الوارث: " سواءٍ " بالجر. وقرأ الباقون من العشرة: بالنصب قال الزجاج: من قرأ بالخفض، جعل " سواءٍ " من صفة الأيّام فالمعنى: في أربعة أيّامٍ مستوِياتٍ تامَّاتٍ؛ ومن نصب، فعلى المصدر؛ فالمعنى: استوت سواءً واستواءً؛ ومن رفع، فعلى معنى: هي سواءٌ. وفي قوله: { للسّائلِينَ } وجهان. أحدهما: للسائلين القوت، لأن كلاًَ يطلُب القوت ويسألُه. والثاني: لمن يسأل: في كم خُلقت الأرضُ؟ فيقال: خُلقتْ في أربعة أيّام سواء، لا زيادة ولا نقصان. قوله تعالى: { ثم استوى إلى السماء } قد شرحناه في [البقرة:29] { وهي دخان } وفيه قولان: أحدهما: أنه لمّا خلق [الماء] أرسل عليه الريح فثار منه دخان فارتفع وسما، فسمّاه سماءً. والثاني: أنه لمّا خلق الأرض أرسل عليها ناراً، فارتفع منها دخان فسما. قوله تعالى: { فقال لها وللأرض } قال ابن عباس: قال للسماء: أظْهِري شمسكِ وقمرك ونجومك، وقال للأرض: شقِّقي أنهاركِ، وأخْرِجي ثمارك، { طوعاً أو كَرْهاً قالتا أتينا طائعِين } قال الزجاج: هو منصوب على الحال، وإنما لم يقل: طائعات، لأنهنَّ جَرَيْنَ مجرى ما يَعْقِل ويميِّز كما قال في النجوم: