الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي ٱلْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ }

قوله تعالى: { عَطَآءً } نُصِبَ على المصدر المؤكد من معنى الجملةِ قبله؛ لأن قوله: " ففي الجنة خالدين " يقتضي إعطاء وإنعاماً فكأنه قيل: يُعْطيهم عَطاءً، وعطاء اسم مصدر، والمصدر في الحقيقة الإِعطاء على الإِفعال، أو يكونُ مصدراً على حذف الزوائد كقوله:أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } [نوح: 17]، أو هو منصوب بمقدَّرٍ موافِقٍ له، أي: فَنَبَتُّم نباتاً، وكذلك هنا يقال: عَطَوْتُ بمعنى تناولْت.

و " غيرَ مَجْذوذ " نَعْتُه. والمجذوذ: المقطوع، ويقال لِفُتات الذهب والفضة والحجارة: " جُذاذ " من ذلك، وهو قريب من الجَدِّ بالمهملة في المعنىٰ، إلا أن الراغب جَعَل جَدَّ بالمهملة بمعنى قَطْع الأرضِ المستوية، ومنه " جَدَّ في سيره يَجِدُّ جَدَّاً " ، ثم قال: " وتُصُوِّر مِنْ جَدَدْتُ [الأرضَ] القَطْعُ المجردُ فقيل: جَدَدْتُ الثوب إذا قطعتَه على وجهِ الإِصلاح، وثوبٌ جديد أصله المقطوع، ثم جُعل لكل ما أُحْدِث إنشاؤه ". والظاهرُ أن المادتين متقاربتان في المعنىٰ، وقد ذكرْتُ لهما نظائرَ نحو: عَتَا وعَثا وكثب وكتب.