الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } " من " للتبعيض، لأن الدعاء إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر يجزى فيهن البعض، لأنهن فروض كفاية، ويجوز أن تكون للبيان، لأنه يجب فرض الكفاية، على الكل، فإذا فعل البعض أجزأ، كأنه قيل كونوا داعين إلى الخير، على أنه نسبة إنشائية كلية، لا كل، ويناسبه قوله تعالىكنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.. } إلخ إذ نسب الأمر للكل، إلا أنه لا ينافى التبعيض، لأن هذه الآية حكم على المجموع لا على الجميع، بدليل أن ذلك فرض كفاية، ولو كان مدح الشىء بلا قرينة يدل على الوجوب، لكن الوجوب ثابت كفاية، و { الخير } الإسلام أو مطلق الخير ولو دنيوياً، والدعاء إلى ذلك يشمل الدعاء بالفعل، فإن فاعل الخير يقتدى به، وبذكره، أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقراءة القرآن بحضرة السامع، والأمر أن يقول افعل كذا، والنهى أن يقول لا تفعل كذا، أو ما أشبه ذلك والخير يحسب لفظه أعم، فالعطف للخاص بعده للمزية وذلك ان الأمر بالمعروف، والترغيب فى ترك المنكر، دعاء إلى الخير، وإنما كان ذلك فرض كفاية، لأنه لا يصلح كل أحد له إذ قد لا يقوى هذا على الأمر والنهى لضعفه، ويقوى ذاك، وقد لا يدرى كيف يأمر وينهى، فعند وجود غيره، يحسن تقديم غيره ممن يحسن، وقد يعرف هذا إن فعل كذا معروف، أو تركه منكراً، فهذا لا واجب عليه ما لم يقارف بشىء، إذا كان ذلك علمه موسعاً، فيجب على من عرف ذلك فلزم أن يكون العلم فى الناس، لئلا يجهلوا كلهم، فلا يكون آمر أو ناه، ومن جهل فقد يأمر بمنكر وينهى عن معروف، واللام للأمر وتكون { لا } خبر له، ومنكم متعلق به أو بمحذوف حال من أمة، ولو كان أمة نكرة لتأخرها، ولنعتها بجملة يدعون، وأمة فاعل، أو تكون لهُ خبر، فأمة اسمه ومنكم خبره، أو منكم إعرابه على ما مر، ويدعون خبر لما بقى على الكفار، كفرهم وإضلالهم، أمر المؤمنين بالإسلام والتقوى وهداية غيرهم بالدعاء إلى الخير، والأمر والنهى. قال أبو سعيد الخدرى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، وإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " وعن نعمان بن بشير عن النبى صلى الله عليه وسلم " مثل القائم فى حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا نرى أن نخرق فى نصيبنا خرقاً فلا نؤدى من فوقها، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً "

السابقالتالي
2 3