قوله عز وجل: { إِنَّ الذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا } أي: صوتها في قول الحسن. وقال ابن عباس: حسيسها: حسّها. قال: ولا صوتاً. وإنها تلظّى على أهلها. قوله عز وجل: { وَهُمْ فِيمَا اشْتَهَت أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ }. قال بعضهم: بلغنا أن أهل الجنة يكون في أحدهم الطعام فيخطر على قلبه طعام آخر، فيتحوّل في فيه ذلك الطعام الذي اشتهى. وقال في آية أخرى:{ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الزخرف: 71]. قوله تعالى: { لاَ يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ } أي: النفخة الآخرة. قال بعضهم: إذا أيقن أهل النار بالخلود، فعند ذلك يقولون: { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا } أي من النار{ فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } [المؤمنون: 107] فيقول الله:{ قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 107-108]. فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلم يخرج منهم أحد، فذلك قوله: { الفَزَعُ الأَكْبَرُ }. قوله: { وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلآئِكَةُ } قال الحسن: تتلقاهم بالبشارة حين يخرجون من قبورهم، وتقول لهم: { هَذَا يَوْمُكُمُ الذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }. قوله: { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَآءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ } يعني كطيّ الصحيفة التي فيها الكتاب. ذكروا عن الحسن قال: إن السماء تطوى من أعلاها كما يطوي الكاتب الصحيفة من أعلاها إذا كتبت. قوله عزّ وجل: { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } أي: كذلك نعيده. وقال الكلبي إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يبعث الموتى أعاد الناس كُلَّهم نطفاً [ثم علقاً ثم مضغاً] ثم عظاماً ثم لحماً، ثم ينفخ فيه أرواحهم. كذلك كان بدؤهم. ذكروا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ينزل الله مطراً كمني الرجال فتنبت به جسمانهم ولحمانهم كما تنبت الأرض الندى، ثم تلا هذه الآية:{ واللهُ الذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ } [فاطر: 9] أي: كذلك البعث. قوله تعالى: { وَعْداً عَلَيْنَآ } أي: وعداً كائناً، أي: البعث { إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } أي: إنا نحن فاعلون.