{ هو الذي أنزل عليك الكتابَ منه آيات محكماتٌ } وهنَّ الثَّلاث الآيات في آخر سورة الأنعام:{ قل تعالوا أتل } إلى آخر الآيات الثَّلاث { هنَّ أمُّ الكتاب } هنَّ أمُّ كلِّ كتاب أنزله الله تعالى على كلِّ نبيٍّ، فيهنَّ كلُّ ما أحلَّ وحرَّم، ومعناه: أنهنَّ أصل الكتاب الذي يُعمل عليه { وأخر } أَيْ: آياتٌ أُخر { متشابهات } يريد: التي تشابهت على اليهود، وهي حروف التَّهجِّي في أوائل السُّور، وذلك أنَّهم أوَّلوها على حساب الجُمَّل، وطلبوا أن يستخرجوا منها مدَّة بقاء هذه الأُمَّة، فاختلط عليهم واشتبه { فأمَّا الذين في قلوبهم زيغٌ } وهم اليهود الذين طالبوا علمَ أجل هذه الأمَّة من الحروف المقطَّعة { فيتبعون ما تشابه منه } من الكتاب. يعني: حروف التَّهجِّي { ابتغاء الفتنة } طلب اللَّبس ليضلُّوا به جُهَّالهم { وابتغاء تأويله } طلب أجل أمَّة محمّدٍ صلى الله عليه وسلم. { وما يعلم تأويله إلاَّ الله } يريد: ما يعلم انقضاء ملك أمَّة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إلاَّ الله، لأنَّ انقضاء ملكهم مع قيامِ السَّاعة، ولا يعلم ذلك أحد إلاَّ الله، ثمَّ ابتدأ فقال: { والراسخون في العلم } أَي: الثَّابتون فيه. يعني: علماء مؤمني أهل الكتاب { يقولون آمنا به } أَيْ: بالمتشابه { كلٌّ من عند ربنا } المحكم والمتشابه، وما علمناه، وما لم نعلمه { وما يذكر إلاَّ أولوا الألباب } ما يتعَّظ بالقرآن إلاَّ ذوو العقول. { ربنا } أي: ويقول الرَّاسخون في العلم { ربنا لا تزغ قلوبنا } لا تُملها عن الهدى والقصد كما أزغت قلوب الذين في قلوبهم زيغ { بعد إذ هديتنا } للإِيمان بالمحكم والمتشابه من كتابك. { ربنا إنك جامع الناس } حاشرهم { ليوم } الجزاء في يومٍ { لا ريب فيه إنَّ الله لا يخلف الميعاد } للبعث والجزاء. { إنَّ الذين كفروا } يعني: يهود قريظة والنَّضير { لن تغني عنهم } [أي: لن تنفع و] لن تدفع عنهم { أموالهم } { ولا أولادهم } يعني: التي يتفاخرون بها { من الله } من عذاب الله { شيئاً وأولئك هم وقود النار } هم الذين تُوقد بهم النَّار. { كدأب آل فرعون } كصنيع آل فرعون وفعلهم في الكفر والتَّكذيب كفرت اليهود بمحمد صلى الله عليه وسلم.