- قوله تعالى: { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } ، إلى قوله: { غَيْرُ مَأْمُونٍ }. أي: ونرى العذاب قريباً (في) يوم تكون (فيه) السماء كالمهل. وقيل: التقدير: يبصرونهم يوم [تكون]. وقيل: التقدير: احذروا يوم تكون السماء كالمهل، قال مجاهد: " كعكر الزيت ". وقال قتادة: تحول لوناً آخر إلى الخضرة، وقد تقدم ذكر " المهل " بأشبع من هذا. ثم قال: { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ }. قال مجاهد: كالصوف. وهو جمع " عهنة " ، وأهل اللغة على أنه لا يقال (للصوف) " عهن " حتى يكون مصبوغاً. - ثم قال: { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً }. أي: ولا يسأل قريب ولا صديق عن قريبه ولا عن صديقه لشغله بنفسه. ومعنى { يُبَصَّرُونَهُمْ... }. أي: يُبَصَّرُ كلُّ إنسان قَرِينَهُ فيعرفه. قال ابن عباس: يعرف بعضهم بعضاً، ويتعارفون، ثم يفر بعضهم [من] بعضهم، بعد ذلك، يقول الله:{ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37]، وهو قول قتادة. فالهاء والميم - على هذا - للأقرباء، والضمير في [يُبَصَّرُونَ] للكفار، فالهاء والميم للأقرباء، أي: يبصر الله الكفار أقرباءهم في القيامة ويعرفهم بهم، فهو تأويل موافق لصدر الآية؛ لأنه قد ذكر القريب وقريبه، وهذا مثل قوله:{ يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35] الآية. وقال مجاهد: معناه: يبصر الله المؤمنين الكفار في القيامة. فيكون الضمير في " يُبَصَّرونَ " للمؤمنين، والهاء والميم للكفار. وقال ابن زيد: معناه: يبصر الله الكفار الذين أضلوهم في الدنيا في النار. فيكون الضمير في { يُبَصَّرُونَهُمْ } للكفار التابعين، والهاء والميم للمتبوعين. وقد روي عن ابن كثير وأبي جعفر يزيد وشيبة: أنهم قرأوا: " وَلاَ يُسْأَلُ حَمِيمٌ " على ما لم يسم فاعله. ومعناه: لا يقال لقريب: أين قريبك؟، (أي): لا يطلب بعضهم بِبَعْضٍ. ويجوز أن يكون معناه: ولا يسأل إنسان عن ذنب قريبه، مثل قوله:{ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [الأنعام: 164]. - ثم قال { يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ }. (أي: يتمنى الكافر يوم القيامة لو يفتدي من العذاب ببنيه). { وَصَاحِبَتِهِ... } وهي زوجته، { (وَأَخِيهِ) } { وَفَصِيلَتِهِ... }: عشيرته، { ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } أي: التي تضمه إلى رحلها ومنزلها لقرابة ما بينها وبينه. - ثم قال: { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ }. أي: ويود لو يفتدي بمن في الأرض جميعاً ثم ينجيه ذلك من عذاب الله، أي: لو وجد إلى ذلك سبيلاً من عظيم ما نزل به لفعله. وجواب " لَوْ " قوله: { ثُمَّ يُنجِيهِ } ، وقيل " ثُمَّ " بمعنى الفاء أي: فَيُنَجِّيه ذلك، فهو مثل قوله{ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } [القلم: 9] الفاء جواب " لَوْ ". قال قتادة: { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } " الأحب فالأحب، والأقرب فالأقرب من أهله وعشيرته.