{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي أقسم. عن ابن عباس: و «لا» كقوله{ لّئَلاَّ يَعْلَمَ } [الحديد: 29] وقوله:
في بئر لا حور سرى وما شعر
وكقوله:
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة
وكاد ضمير القلب لا يتقطع
وعليه الجمهور وعن الفراء: «لا» رد لإنكار المشركين البعث كأنه قيل: ليس الأمر كما تزعمون ثم قيل: أقسم بيوم القيامة. وقيل: أصله لأقسم كقراءة ابن كثير على أن اللام للابتداء و { أُقْسِمُ } خبر مبتدأ محذوف أي لأنا أقسم ويقويه أنه في «الإمام» بغير الألف ثم أشبع فظهر من الإشباع ألف، وهذا اللام يصحبه نون التأكيد في الأغلب وقد يفارقه { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } الجمهور على أنه قسم آخر. وعن الحسن: أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة فهي صفة ذم وعلى القسم صفة مدح أي النفس المتقية التي تلوم على التقصير في التقوى وقيل: هي نفس آدم لم تزل تلوم على فعلها التي خرجت به من الجنة، وجواب القسم محذوف أي لتبعثن دليله { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ } أي الكافر المنكر للبعث { أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } بعد تفرقها ورجوعها رفاتاً مختلطاً بالتراب. { بَلَىٰ } أوجبت ما بعد النفي أي بلى نجمعها { قَـٰدِرِينَ } حال من الضمير في { نَّجْمَعَ } أي نجمعها قادرين على جمعها وإعادتها كما كانت { عَلَىٰ أَن نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ } أصابعه كما كانت في الدنيا بلا نقصان وتفاوت مع صغرها فكيف بكبار العظام. { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَـٰنُ } عطف على { أَيَحْسَبُ } فيجوز أن يكون مثله استفهاماً { لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } ليدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان { يَسْـئَلُ أَيَّانَ } متى { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } سؤال متعنت مستبعد لقيام الساعة { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } تحير فزعاً وبفتح الراء: مدني شَخَصَ { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } وذهب ضوؤه أو غاب من قوله{ فَخَسَفْنَا بِهِ } [القصص: 81] وقرأ أبو حيوة بضم الخاء { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } أي جمع بينهما في الطلوع من المغرب أو جمعاً في ذهاب الضوء ويجمعان فيقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى { يَقُولُ ٱلإِنسَـٰنُ } الكافر { يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } هو مصدر أي الفرار من النار أو المؤمن أيضاً من الهول. وقرأ الحسن بكسر الفاء وهو يحتمل المكان والمصدر { كَلاَّ } ردع عن طلب المفر { لاَ وَزَرَ } لا ملجأ { إِلَىٰ رَبِّكَ } خاصة { يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } مستقر العباد أو موضع قرارهم من جنة أو نار مفوّض ذلك لمشيئته، من شاء أدخله الجنة ومن شاء أدخله النار. { يُنَبَّؤُاْ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذٍ } يخبر { بِمَا قَدَّمَ } من عمل عمله { وَأَخَّرَ } ما لم يعمله. { بَلِ ٱلإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } شاهد.