قال { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } يعني: صدقوا بوحدانية الله تعالى وصدقوا برسوله { وَأَنْفِقُواْ } يعني: تصدقوا في طاعة الله تعالى: { مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } يعني: مما جعلكم مالكين من المال، ويقال معناه إن الأموال والدنيا كلها لله تعالى فيجعل العباد مستخلفين على أمواله وأمرهم بالنفقة مما جعلهم خليفة فيها ثم بين ثواب الذين آمنوا فقال { فَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ } يعني: صدقوا بوحدانية الله تعالى وتصدقوا { لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } يعني: عظيم وهو الثواب الحسن في الجنة، ويقال إن هذه الآية نسخت بآية الزكاة ويقال إنها ليست بمنسوخة ولكنها حث على الصدقة والنفقة في طاعة الله تعالى ثم قال عز وجل: { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } يعني: ما لكم لا تصدقون بوحدانية الله تعالى { وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ } قرأ بعضهم (والرسولُ) بضم اللام يعني: ما لكم لا تؤمنون بالله وتم الكلام ثم قال والرسول يدعوكم إلى توحيد الله تعالى وقراءة العامة والرسول بكسر اللام يعني: مالكم لا تصدقون بالله وبرسوله حين يدعوكم. { لِتُؤْمِنُواْ بِرَبّكُمْ } يعني: لتصدقوا بوحدانية الله تعالى { وَقَدْ أَخَذَ مِيثَـٰقَكُمْ } يعني: أخذ الله تعالى إقراركم والميثاق حين أخرجكم من صلب آدم { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } يعني: مصدقين قرأ أبو عمرو وقد أخذ ميثاقكم بضم القاف وكسر الخاء على معنى: فعل ما لم يسم فاعله والباقون يعني: أخذ الله ميثاقكم ثم قال: { هُوَ ٱلَّذِى يُنَزّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ } هو الذي ينزل جبريل على عبده محمد - صلى الله عليه وسلم - يقرأ عليه { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } يعني: آيات القرآن واضحات بين فيه الحلال والحرام والأمر والنهي { لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ } يعني: يدعوكم من الشرك إلى الإيمان ويقال بينات يعني: واضحات ويقال آيات يعني: علامات النبوة ليخرجكم من الظلمات إلى النور يعني: ليوفقكم الله تعالى للهدى ويخرجكم من الكفر { وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } يعني: هداكم لدينه وأنزل عليكم ثم قال عز وجل: { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني: ما لكم ألا تصدقوا أو لا تنفقوا أموالكم في طاعة الله { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني: إلى الله يرجع ميراث السموات والأرض أي شيء ينفعكم ترك الإنفاق ميتون تاركون أموالكم ويقال: معناه وما لكم ألا تنفقوا والأموال كلها لله تعالى وهو يأمركم بالنفقة، ويقال أنفقوا ما دمتم في الحياة فإنكم إن بخلتم فإن الله هو يرثكم ويرث أهل السموات يعني: أنفقوا قبل أن تفنوا وتصير كلها ميراثاً لله تعالى بعد فنائكم وإنما ذكر لفظ الميراث لأن العرب تعرف ما ترك الإنسان ميراثاً فخاطبهم بما يعرفون فيما بينهم ثم قال: { لاَ يَسْتَوِى مِنكُم } يعني: لا يستوي منكم في الفضل والثواب عند الله تعالى { مَّنْ أَنفَقَ } مَاله في طاعة الله { مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ } يعني: قاتل العدو - وفي الآية تقديم يعني: من أنفق وقاتل من قبل الفتح يعني: فتح مكة ونزلت الآية في شأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين والأنصار يعني: الذين أنفقوا أموالهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقاتلوا الكفار لا يستوي حالهم وحال غيرهم، ويقال نزلت الآية في شأن أبي بكر رضي الله عنه كان جالساً مع نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقعت بينهم منازعة في شيء فنزل في تفضيل أبي بكر رضي الله عنه (لا يستوي منكم من أنفق) ماله (من قبل الفتح) يعني: من قبل ظهور الإسلام { وَقَـٰتَلَ } يعني: وجاهد { أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً } يعني: أبي بكر رضي الله عنه { مّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَـٰتَلُواْ } العدو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقال هذا التفضيل لجميع أصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وروى سفيان عن زيد بن أسلم قال - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -