{ وَمَا لَكُمْ } يا معشر المؤمنين { أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } في طاعة الله { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ميراث أهل السموات وأهل الأرض يموت أهلها ويبقى هو ويرجع الأمر كله إليه { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم } يا معشر المؤمنين عند الله في الفضل والطاعة و الثواب { مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ } فتح مكة { وَقَاتَلَ } العدو مع النبي صلى الله عليه وسلم { أُوْلَـٰئِكَ } أهل هذه الصفة { أَعْظَمُ دَرَجَةً } فضيلة ومنزلة عند الله بالطاعة والثواب وهو أبو بكر الصديق { مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ } من بعد فتح مكة { وَقَاتَلُواْ } العدو في سبيل الله مع النبي صلى الله عليه وسلم { وَكُلاًّ } كلا الفريقين من أنفق وقاتل من قبل الفتح وبعد الفتح { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } الجنة بالإيمان { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } بما تنفقون { خَبِيرٌ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ } في الصدقة { قَرْضاً حَسَناً } محتسباً صادقاً من قلبه { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } يقبله ويضاعف له في الحسنات ما بين سبع إلى سبعين إلى سبعمائة إلى ألفي ألف إلى ما شاء من الأضعاف { وَلَهُ } عنده { أَجْرٌ كَرِيمٌ } ثواب حسن في الجنة نزلت هذه الآية في أبي الدحداح { يَوْمَ } وهو يوم القيامة { تَرَى } يا محمد { ٱلْمُؤْمِنِينَ } المصدقين { وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } المصدقات بالإيمان { يَسْعَىٰ نُورُهُم } يضيء نورهم { بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } على الصراط { وَبِأَيْمَانِهِم } وشمائلهم { بُشْرَاكُمُ ٱلْيَوْمَ } تقول لهم الملائكة على الصراط لكم اليوم { جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا } من تحت شجرها ومساكنها { ٱلأَنْهَارُ } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { خَالِدِينَ فِيهَا } مقيمين في الجنة لا يموتون فيها ولا يخرجون منها { ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } النجاة الوافرة فازوا بالجنة وما فيها ونجوا من النار وما فيها { يَوْمَ } وهو يوم القيامة بعد ما طفئ نور المنافقين على الصراط { يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ } من الرجال { وَٱلْمُنَافِقَاتُ } من النساء { لِلَّذِينَ آمَنُواْ } للمؤمنين المخلصين على الصراط { ٱنظُرُونَا } ارقبونا وانتظرونا يا معشر المؤمنين { نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } نستضيء بنوركم ونجوز به على الصراط معكم { قِيلَ } يقول لهم المؤمنون ويقال يقول لهم الملائكة ويقال يقول الله لهم { ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ } خلفكم إلى الدنيا ويقال إلى الموقف حيث أعطينا النور { فَٱلْتَمِسُواْ } فاطلبوا { نُوراً } وهذا استهزاء من الله على المنافقين ويقال من المؤمنين على المنافقين فيرجعون في طلب النور { فَضُرِبَ بَيْنَهُم } يقول بني بينهم وبين المؤمنين { بِسُورٍ } بحائط { لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ } الجنة { وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } من نحوه النار { يُنَادُونَهُمْ } من وراء السور { أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ } على دينكم يا معشر المؤمنين { قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } أهلكتم أنفسكم بكفر السر والنفاق { وَتَرَبَّصْتُمْ } تركتم التوبة من الكفر والنفاق ويقال انتظرتم موت محمد صلى الله عليه وسلم وإظهار الكفر { وَٱرْتَبْتُمْ } شككتم بالله وبالكتاب والرسول { وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ } الأباطيل والتمني { حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ } وعد الله بالموت على غير التوبة من الكفر والنفاق { وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ } عن طاعة الله { ٱلْغَرُورُ } يعني الشيطان ويقال أباطيل الدنيا إن قرأت بضم الغين { فَٱلْيَوْمَ } وهو يوم القيامة { لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ } لا يقبل منكم يا معشر المنافقين { فِدْيَةٌ } فداء { وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ولم يؤمنوا { مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } مصيركم النار { هِيَ مَوْلاَكُمْ } أولى بكم النار { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } صاروا إليه النار قرناؤهم الشياطين وجيرانهم الكفار وطعامهم الزقوم وشرابهم الحميم ولباسهم مقطعات النيران وزوارهم الحيات والعقارب. ثم ذكر قلوبهم إذا كانوا في الدنيا فقال: { أَلَمْ يَأْنِ }