قوله جلّ ذكره: { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ }. أي: انشقت. { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ }. تساقطت وتهافتت. { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ }. أي: فُتِحَ بعضها على بعض. { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ }. أي: قُلِبَ ترابُها، وبُعِثَ الموتى الذين فيها، وأُخْرِجَ ما فيها من كنوزٍ وموتى. { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ }. جوابٌ لهذه الأمور؛ أي إذا كانت هذه الأشياء: عَلِمَتْ كلُّ نَفْس ما قدَّمت من خيرها وشَرِّها. قوله جلّ ذكره: { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ }. أي: ما خَدعَكَ وما سَوَّل لَكَ حتى عَمِلْتَ بمعاصيه؟ ويقال: سَأَلَه وكأنما في نَفْسِ السؤال لقَّنَه الجوابَ يقول: غَرَّني كَرَمُكَ بي، ولولا كََرَمُكَ لَمَا فَعَلْتُ؛ لأنَّك رأيت فَسَتَرْتَ، وقدّرْتَ فأَمْهَلْتَ. ويقال: إن المؤمِنَ وثِقَ بِحُسْنِ إفضالِه فاغتَّر بطولِ إمهالهِ فلم يرتكبْ الزلَّة لاستحلاله، ولكنَّ طولَ حِلمه عنه حَمَله على سوء خصالِه، وكما قلت:
يقول مولاي: أمَا تستحي
مما أرى من سوء أفعالِكَ
قلت: يا مولاي رفقاً فقد
جَرَّأني كثرةُ أفضالِك
قوله جلّ ذكره: { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ }. أي: ركَّبَ أعضاءَك على الوجوه الحكميَّة { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ } ، من الحُسْنِ والقُبْح، والطولِ والقِصَر. ويصح أن تكون الصورة هنا بمعنى الصِّفة، و " في " بمعنى " على "؛ فيكون معناه: على أي صفة شاء ركَّبَكَ؛ من السعادة أو الشقاوة، والإيمان أو المعصية...