الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

واختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } تعدل ثلث القرآن " فقيل: إن ذلك في الثواب، أي لمن قرأها من الأجر مثل أجر من قرأ ثلث القرآن، وقيل: إن ذلك فيما تضمنته من المعاني والعلوم؛ وذلك أن علوم القرآن ثلاثة: توحيد وأحكام وقصص، وقد اشتملت هذه السورة على التوحيد فهي ثلث القرآن بهذا الاعتبار، وهذا أظهر وعليه حمل ابن عطية الحديث. ويؤيده أن في بعض روايات الحديث: " إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل قل هو الله أحد جزءاً من أجزاء القرآن " وأخرج النسائي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقرؤها فقال: أما هذا فقد غفر له " وفي رواية أنه قال: " وجبت له الجنة " ، وأخرج مسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ لأصحابه في الصلاة { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمٰن فأنا أحب أن أقرأها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه أن الله يحبه " وفي رواية خرّجها الترمذي " أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل: حبك إياها أدخلك الجنة " وخرّج الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } مائة مرة كل يوم غفرت له ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين.

{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } الضمير هنا عند البصريين ضمير الأمر والشأن والذي يراد به التعظيم والتفخيم، وإعرابه مبتدأ وخبره الجملة التي بعده وهي المفسرة له، والله مبتدأ وأحد خبره. وقيل: الله هو الخبر وأحد بدل منه وقيل: الله بدل وأحد هو الخبر. وأحد له معنيان أحدهما أن يكون من أسماء النفي التي لا تقع إلا في غير الواجب كقولك: ما جاءني أحد وليس هذا موضع هذا المعنى وإنما موضعه قوله: { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } والآخر أن يكون بمعنى واحد وأصله واحد بواو ثم أبدل من الواو همزة وهذا هو المراد هنا.

واعلم أن وصف الله تعالى بالواحد له ثلاثة معان كلها صحيحة في حق الله تعالى. الأول: أنه واحد لا ثاني معه فهو نفي للعدد. والثاني: أنه واحد لا نظير ولا شريك له كما تقول: فلان واحد عصره أي لا نظير له. والثالث: أنه واحد لا ينقسم ولا يتبعض، والأظهر أن المراد في السورة نفي الشريك لقصد الرد على المشركين ومنه قوله تعالى:وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } [البقرة: 163] قال الزمخشري: أحد وصفُ بالوحدانية ونفي الشركاء.

السابقالتالي
2 3