الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ }

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فإذَا بَرِقَ البَصَرُ } شخص البصر. وقوله: { وَخَسَفَ القَمَرُ } يقول: ذهب ضوء القمر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَخَسَفَ القَمَرُ }: ذهب ضوءه فلا ضوء له. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن { وَخَسَفَ القَمَرُ } هو ضوءه، يقول: ذهب ضوءه. وقوله: { وجُمِعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ } يقول تعالى ذكره: وجمع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء، فلا ضوء لواحد منهما وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر لي: «وجُمِعَ بَينَ الشَّمْسِ والقَمَرِ» وقيل: إنهما يجمعان ثم يكوّران، كما قال جلّ ثناؤه:إذا الشَّمْسُ كُوّرَتْ } وإنما قيل: { وجُمِعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ } لما ذكرت من أن معناه جمع بينهما. وكان بعض نحويي الكوفة يقول: إنما قيل: وجُمع على مذهب وجمع النوران، كأنه قيل: وجمع الضياءان، وهذا قول الكسائي. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد { وجُمِعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ } قال: كُوِّرا يوم القيامة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { وجُمِعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ } قال: جُمعا فرُمي بهما في الأرض. وقوله:إذَا الشَّمْسُ كُوّرَتْ } قال: كوّرت في الأرض والقمر معها. قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي شيبة الكوفيّ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أنه تلا هذه الآية يوماً: { وجُمِعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ } قال: يجمعان يوم القيامة، ثم يقذفان في البحر، فيكون نار الله الكبرى. وقوله: { يَقُولُ الإنْسانُ يَوْمَئِذٍ أيْنَ المَفَرُّ } بفتح الفاء، قرأ ذلك قرّاء الأمصار، لأن العين في الفعل منه مكسورة، وإذا كانت العين من يفعل مكسورة، فإن العرب تفتحها في المصدر منه إذا نطقت به على مَفعَل، فتقول: فرّ يفرّ مَفَرّاً، يعني فرّاً، كما قال الشاعر:
يا لَبَكْرٍ أَنْشِرُوا لي كُلَيْباً   يا لَبَكْرٍ أيْنَ أيْنَ الفِرَارُ
إذا أريد هذا المعنى من مفعل قالوا: أين المفرّ بفتح الفاء، وكذلك المدبّ من دبّ يدبّ، كما قال بعضهم:
كأنَّ بَقايا الأَثْرِ فَوْقَ مُتُونِه   مَدَبُّ الدَّبَى فَوْقَ النَّقا وَهْوَ سارِح
وقد يُنشد بكسر الدال، والفتح فيها أكثر، وقد تنطق العرب بذلك، وهو مصدر بكسر العين. وزعم الفرّاء أنهما لغتان، وأنه سُمع: جاء على مَدبّ السيل، ومِدبّ السيل، وما في قميصه مَصحّ ومِصحّ.

PreviousNext
1 2 4 5