الرئيسية - أسباب النزول



أسباب نزول آيات سورة ( الحجرات ) (للواحدي)

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ...} الآية. [1].
أخبرنا أبو نصر [أحمد بن] محمد بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد العكبري، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدَّثنا الحسن بن محمد [بن] الصباح، قال: حدَّثنا حجاج بن محمد، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: حدَّثني ابن أبي مُلَيْكَة، أن عبد الله بن الزبير أخبره:
أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أَمِّر القَعْقَاعَ بن مَعْبَد، وقال عمر: بل أمِّر الأَقْرع بن حَابِس، فقال أبو بكر: ما أردت إلاَّ خِلاَفِي، وقال عمر: ما أردت خِلاَفَك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى قوله سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ}. رواه البخاري عن الحسن بن محمد [بن] الصباح.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ }
قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ..} الآية [2].
نزلت في ثابت بن قيس بن شِمَاس، كان في أذنه وَقْر، وكان جَهْوَرِيَّ الصَّوت، وكان إذا كلم إنساناً جهر بصوته، فربما كان يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتأذى بصوته، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
أخبرنا أحمد بن إبراهيم المُزَكِّي، قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد، قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي، قال حدَّثنا قَطَن بن نُسَيْر، قال: حدَّثنا جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدَّثنا ثابت عن أنس، قال:
لما نزلت هذه الآية {لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ} قال ثابت بن قيس: أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا من أهل النار. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هو من أهل الجنة. رواه مسلم عن قطن بن نُسَير.
وقال ابن أبي مليكة: كاد الحِيَّران أن يهلكا: أبو بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم، حين قدم عليه ركب [من] بني تميم، فأشار أحدهما بالأَقْرع بن حَابِس، وأشار الآخر برجل آخر، فقال أبو بكر لعمر: ما أردتَ إلا خِلاَفي، وقال عمر: ما أردت خلافك، وارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله تعالى [في ذلك] {لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ...} الآية.
وقال ابن الزبير: فما كان عمر يُسْمِعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية، حتى يستفهمه.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }
قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ...} الآية [3].
قال عطاء عن ابن عباس: لما نزل قوله تعالى: {لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ} تألَّى أبو بكر أن لا يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كأَخِي السِّرَارِ، فأنزل الله تعالى في أبي بكر: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ}.
أخبرنا أبو بكر القاضي، قال: حدَّثنا محمد بن يعقوب، قال: حدَّثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال: حدَّثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدَّثنا حُصَين بن عمر الأَحْمَسِيّ، قال: حدَّثنا مُخَارِق، عن طارق، عن أبي بكر، قال:
لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ} قال أبو بكر: فآليت على نفسي أن لا أكلِّم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كأخي السِّرَارِ.

السابق  التالي