الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَٱللَّهُ قَدِيرٌ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { لاَّ يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوۤاْ إِلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } * { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُواْ عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }

وقوله تعالى { لاَّ يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِّن دِيَـٰرِكُمْ } أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم { أَن تَبَرُّوهُمْ } أي تحسنوا إليهم، { وَتُقْسِطُوۤاْ إِلَيْهِمْ } أي تعدلوا { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصلها؟ قال " نعم صلي أمك " أخرجاه. وقال الإمام أحمد حدثنا عارم، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا مصعب بن ثابت، حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ضباب وَقَرَظ وسمن، وهي مشركة، فأبت أسماء أن تقبل هديتها، وأن تدخلها بيتها. فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى { لاَّ يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ } إلى آخر الآية. فأمرها أن تقبل هديتها، وأن تدخلها بيتها. وهكذا رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث مصعب بن ثابت به، وفي رواية لأحمد ولابن جرير قتيلة بنت عبد العزى بن سعد من بني مالك بن حسل، وزاد ابن أبي حاتم في المدة التي كانت بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار حدثنا عبد الله بن شبيب، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثناأبو قتادة العدوي عن ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة وأسماء أنهما قالتا قدمت علينا أمنا المدينة، وهي مشركة، في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش، فقلنا يا رسول الله إن أمنا قدمت علينا المدينة، وهي راغبة، أفنصلها؟ قال " نعم فصلاها " ثم قال وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن الزهري عن عروة عن عائشة إلا من هذا الوجه. قلت وهو منكر بهذا السياق لأن أم عائشة هي أم رومان، وكانت مسلمة مهاجرة، وأم أسماء غيرها كما هو مصرح باسمها في هذه الأحاديث المتقدمة، والله أعلم. وقوله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } قد تقدم تفسير ذلك في سورة الحجرات، وأورد الحديث الصحيح " المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش، الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا " وقوله تعالى { إِنَّمَا يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَـٰتَلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ وَظَـٰهَرُواْ عَلَىٰ إِخْرَٰجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ } أي إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم بالعداوة، فقاتلوكم، وأخرجوكم، وعاونوا على إخراجكم، ينهاكم الله عز وجل عن موالاتهم، ويأمركم بمعاداتهم، ثم أكد الوعيد على موالاتهم فقال { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } كقوله تعالىيَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } المائدة 51.

PreviousNext
1