الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ }

النسل هو الأنجال والذرية، والسلالة: خلاصة الشيء تُسلُّ منه كما يُسلُّ السيف من غمده، فالسلالة هي أجود ما في الشيء، ولذلك نقول: فلان من سلالة كذا، وفلان سليل المجد. يعني: في مقام المدح. حتى في الخيل يحتفظون لها بسلالات معروفة أصيلة ويُسجلون لها شهادات ميلاد تثبت أصالة سلالتها. هذا النسل وهذه السلالة خلقها الله من ماء، وهو منيٌّ الرجل وبويضة المرأة. هذا الماء وصفه الله بأنه { مَّهِينٍ } [السجدة: 8] لأنه يجري في مجرى البول، ويذهب مذهبه إذا لم يصل إلى الرحم، وفي هذا الماء المهين عجائب، ويرحم الله العقاد حين قال: إن أصول ذرات العالم كله يمكن أن تُوضع في نصف كستبان الخياطة، وتأمل كم يقذف الرجل في المرة الواحدة من هذا المقدار؟ إذن: المسألة دقة تكوين وعظمة خالق، ففي هذه الذرة البسيطة خصائص إنسان كامل، فهي تحمل: لونه، وجنسه، وصفاته.. إلخ. وسبق أن قلنا في عالم الذر: إن في كل منا ذرة وجزيئاً حياً من لَدُنْ أبيه آدم عليه السلام. ثم يقول الحق سبحانه: { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ... }.