الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

/ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: نزلت هذه الآية في علي كرم الله تعالى وجهه حيث أمر سبحانه أن يخبر الناس بولايته فتخوّف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا حابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله تعالى إليه هذه الآية فقام بولايته يوم غدير خم، وأخذ بيده فقال عليه الصلاة والسلام: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأخرج الجلال السيوطي في «الدر المنثور» عن أبـي حاتم وابن مردويه وابن عساكر راوين عن أبـي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم في علي بن أبـي طالب كرم الله تعالى وجهه، وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ } إن علياً ولي المؤمنين { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } وخبر الغدير عمدة أدلتهم على خلافة الأمير كرم الله تعالى وجهه، وقد زادوا فيه إتماماً لغرضهم زيادات منكرة، ووضعوا في خلاله كلمات مزورة ونظموا في ذلك الأشعار وطعنوا على الصحابة رضي الله تعالى عنهم بزعمهم أنهم خالفوا نص النبـي المختار صلى الله عليه وسلم، فقال إسماعيل بن محمد الحميري ـ عامله الله تعالى بعدله ـ من قصيدة طويلة:
عجبت من قوم أتوا أحمدا   بخطة ليس لها موضع
قالوا له: لو شئت أعلمتنا   إلى من الغاية والمفزع
إذا توفيت وفارقتنا   وفيهم في الملك من يطمع؟
فقال: لو أعلمتكم مفزعا   كنتم عسيتم فيه أن تصنعوا
كصنع أهل العجل إذ فارقوا   هرون فالترك له أورع
ثم أتته بعده عزمة   من ربه ليس لها مدفع
أبلغ وإلا لم تكن مبلغا   والله منهم عاصم يمنع
فعندها قام النبـي الذي   كان بما يأمره يصدع
يخطب مأموراً وفي كفه   كف علي نورها يلمع
رافعها، أكرم بكف الذي   يرفع، والكف التي ترفع
من كنت مولاه فهذا له   مولى فلم يرضوا ولم يقنعوا
وظل قوم غاظهم قوله   كأنما آنافهم تجدع
حتى إذا واروه في لحده   وانصرفوا عن دفنه ضيعوا
ما قال بالأمس وأوصى به   واشتروا الضر بما ينفع
وقطعوا أرحامهم بعده   فسوف يجزون بما قطعوا
وأزمعوا مكراً بمولاهم   تباً لما كانوا به أزمعوا
لا هم عليه يردوا حوضه   غداً، ولا هو لهم يشفع
إلى آخر ما قال لا غفر الله تعالى له عثرته ولا أقال، وأنت تعلم أن أخبار الغدير التي فيها الأمر بالاستخلاف غير صحيحة عند أهل السنة ولا مسلمة لديهم أصلاً، ولنبين ما وقع هناك أتم تبيين ولنوضح الغث منه والسمين، ثم نعود على استدلال الشيعة بالإبطال ومن الله سبحانه الاستمداد وعليه الاتكال، / فنقول:

«إن النبـي صلى الله عليه وسلم خطب في مكان بين مكة والمدينة عند مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة يقال له: غدير خم، فبين فيها فضل علي كرم الله تعالى وجهه وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر منه [إليهم] من المعدلة التي ظنها بعضهم جوراً وتضييقاً وبخلاً، والحق مع علي كرم الله تعالى وجهه في ذلك، وكانت يوم الأحد ثامن عشر ذي الحجة تحت شجرة هناك.

PreviousNext
1 2 3 4 5 6 8 9 10  مزيد