الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ }

ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ } [الملك: 4] مراد بها التكرير والتكثير فكأنهم قالوا: أمتنا مرة بعد مرة وأحييتنا مرة بعد مرة فعلمنا عظيم قدرتك وأنه لا يتعاصاها الإعادة كما لا يتعاصاها غيرها فاعترفنا بذنوبنا التي اقترفناها من إنكار ذلك، وحينئذ فلا عليك أن تعتبر الموت في صلب آدم ثم الإحياء لأخذ العهد ثم الإماتة ثم الإحياء بنفخ الروح في الأرحام ثم الإماتة عند انقضاء الأجل في الدنيا ثم الإحياء في القبر للسؤال أو لغيره ثم الإماتة فيه ثم الإحياء بنفخ الروح في الأرحام ثم الإماتة عند انقضاء الأجل في الدنيا ثم الإحياء في القبر للسؤال أو لغيره ثم الإماتة فيه ثم الإحياء للبعث ولا يخفى أنه على ما فيه إنما يتم لو كان المقول أمتنا إماتتين أو كرتين وأحييتنا إحياءتين أو كرتين مثلاً دون ما في المنزل، فإن { ٱثْنَتَيْنِ } فيه وصف لإماتتين ولإحياءتين وهو دافع لاحتمال إرادة التكثير كما قيل فيإِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ } [النحل: 51] وبناء الأمر على أن العدد لا مفهوم له لا يخلو عن بحث، ومن غرائب ما قيل في ذلك ما روي عن محمد بن كعب أن الكافر في الدنيا حي الجسد ميت القلب فاعتبرت الحالتان فهناك إماتة وإحياء للقلب والجسد في الدنيا ثم إماتتهم عند انقضاء الآجال ثم إحياؤهم للبعث، ومثل هذا يحكى ليطلع على حاله.

{ فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ } أي إلى نوع خروج من النار أي فهل إلى خروج سريع أو بطيء أو من مكان منها إلى آخر أو إلى الدنيا أو غيرها / { مّن سَبِيلٍ } طريق من الطرق فنسلكه ومثل هذا التركيب يستعمل عند اليأس، وليس المقصود به الاستفهام وإنما قالوه من فرط قنوطهم تعللاً أو تحيراً ولذلك أجيبوا بذكر ما أوقعهم في الهلاك وهو قوله تعالى: { ذٰلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ ٱللَّهُ }.


PreviousNext
1 2 3