الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً }

{ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ٱلشَّمْسِ } يعني الموضع الذي تطلع عليه الشمس أولاً من معمورة الأرض أي غاية الأرض المعمورة من جهة المشرق. وقرأ الحسن وعيسى وابن محيصن { مطلع } بفتح اللام ورويت عن ابن كثير وأهل مكة وهو عند المحققين مصدر ميمي والكلام على تقدير مضاف أي مكان طلوع الشمس والمراد مكاناً تطلع عليه وقال الجوهري إنه اسم مكان كمكسور اللام فالقراءتان متفقتان من غير تقدير مضاف، وقد صرح بعض أئمة التصريف أن المطلع جاء في المكان والزمان فتحاً وكسراً، وما آثره المحققون مبني على أنه لم يرد في كلام الفصحاء بالفتح إلا مصدراً ولا حاجة إلى تخريج القرآن على الشاذ لأنه قد يخل بالفصاحة، وقال أبو حيان: ((إن الكسر سماع في أحرف معدودة وهو مخالف للقياس فإنه يقتضي أن يكون مضارعه تطلع بكسر اللام، وكان الكسائي يقول: هذه لغة ماتت في كثير من لغات العرب يعني ذهب من يقول من العرب تطلع بكسر اللام وبقي مطلع بكسرها في اسم الزمان والمكان على ذلك القياس)) انتهى فافهم، ثم إن الظاهر من حال ذي القرنين وكونه قد أوتي من كل شيء سبباً أنه بلغ مطلع الشمس في مدة قليلة، وقيل: بلغه في اثنتي عشرة سنة وهو خلاف الظاهر إلا أن يكون أقام في أثناء سيره فإن طول المعمورة يقطعه بأقل من هذه المدة بكثير السائر على الاستقامة كما لا يخفى / على العارف بالمساحة.

{ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مّن دُونِهَا سِتْراً } أخرج ابن المنذر وابن أبـي حاتم وأبو الشيخ في «العظمة» عن ابن جريج قال: حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية لم نجعل لهم من دونها ستراً بناء لم يبن فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسراباً لهم حتى تزول الشمس " ، وأخرج جماعة عن الحسن وذكر أنه حديث سمرة أن أرضهم لا تحمل البناء فإذا طلعت الشمس تغوروا في المياه فإذا غابت خرجوا يتراعون كما تراعى البهائم، وقيل: المراد لا شيء لهم يسترهم من اللباس والبناء، وهم على ما قيل قوم من الزنج، وقيل: من الهنود، وعن مجاهد من لا يلبس الثياب من السودان عند مطلع الشمس أكثر من أهل الأرض، وعن بعضهم خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء فقالوا بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم فإذا أحدهم يفرش إحدى أذنيه ويلبس الأخرى ومعي صاحب يعرف لسانهم فقالوا له: جئتنا تنظر كيف تطلع الشمس فبينما نحن كذلك إذ سمعنا كهيئة الصلصلة فغشي علي ثم أفقت وهم يمسحونني بالدهن فلما طلعت الشمس على الماء إذا هي فوق الماء كهيئة الزيت فأدخلونا سرباً لهم فلما ارتفع النهار خرجوا إلى البحر يصطادون السمك ويطرحونه في الشمس فينضج لهم انتهى.

السابقالتالي
2